للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

باب من لم ير التشهد الأول واجبًا. اه

الجواب الثالث:

لا يخلو إما أن يكون هذا التشهد يسقط بالنسيان، أو لا.

فإن قالوا: لا يسقط، خالفوا السنة الثابتة المتفق عليها.

وإن قالوا: يسقط فنقول: كل ما سقط بالنسيان لا يكون واجبًا، قياسًا على سائر المسنونات، فالواجبات لا تسقط إلا بفعلها، والسهو يرفع الإثم، ولا يسقط به المأمور، فكون النبي سها عنه، وسُبِّح به، ولم يرجع إليه مع إمكان الرجوع كل ذلك دليل على ضعف مأخذ الوجوب.

فإن قالوا: لو كان مسنونًا، فلماذا يجبر بسجود السهو؟ فالجبر لا يكون إلا لترك واجب قياسًا على ترك واجبات الحج؛ فإن تركه لا يبطل الحج، ويجب له الجبر على قول جمهور العلماء.

فالجواب: الجبر إنما يكون دليلًا على الوجوب لو كان الشارع قد أمر بجبره، فيقال: الأصل في الأمر الوجوب، أو كان هناك إجماع على أن سجود السهو لا يشرع فعله لترك السنن، فيكون سجود النبي للسهو دليلًا على وجوب التشهد.

ولا أعلم دليلًا يأمر المصلي بالسجود إذا ترك التشهد الأول، وفعل النبي لا يدل على الوجوب، وإنما المحفوظ هو السجود للسهو تأسيًا بفعل النبي ، وهذا وحده لا يكفي دليلًا على وجوب التشهد، ولا على القول بأن الواجبات تسقط بالنسيان.

وليس هناك إجماع بأن المصلي لا يسجد لترك السنن المؤكدة في الصلاة حتى يقال: إن سجود النبي دليل على وجوب التشهد، فالجمهور قالوا: يسجد للسهو لترك السنن على خلاف بينهم في هذه السنن، ولم يخالف في ذلك إلا الحنفية حيث قالوا: لا يشرع سجود السهو لترك السنن.

وأما القياس على جبر واجبات الحج، فلا يصح لوجهين:

الأول: أن القياس لا مدخل له في هذا الباب.

الثاني: اختلاف الموجب، فدم الجبران الذي سببه فعل محظور، أو ترك مأمور في واجبات الحج، ويشترط لوجوبه أن يكون متعمدًا على الصحيح، بخلاف الجبر

<<  <  ج: ص:  >  >>