للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وليس هناك إجماع بأن المصلي لا يسجد لترك السنن المؤكدة في الصلاة حتى يقال: إن سجود النبي دليل على وجوب التشهد، والجمهور قالوا: يسجد للسهو لترك السنن على خلاف بينهم في هذه السنن خلافًا للحنفية.

وأما القياس على جبر واجبات الحج، فالقياس لا مدخل له في هذا الباب؛ لاختلاف الموجب.

فواجبات الحج لا تجبر بالسهو، وإنما تجبر بالعمد.

وواجبات الصلاة لا تجبر بالعمد، وإنما تجبر بالسهو، هذا من وجه.

ومن وجه آخر: فإن أفعال الحج بالإجماع تنقسم إلى أركان، وواجبات، وسنن، وأما أفعال الصلاة فالمالكية والشافعية يقسمونها إلى فروض وسنن، ولا دليل على قسم الواجب في أفعال هذه العبادة، كما قدمت ذلك في مبحث مستقل.

وعليه فمن قال: إن التشهد الأول سنة، وهو مذهب المالكية والشافعية رأى أن حديث ابن بحينة هو الأصل في السجود لترك بعض السنن المؤكدة، وقاسوا على ترك التشهد غيرها من السنن.

والقول بصحة السجود لترك التشهد الأول، وأنه سنة هو الصحيح، فلو صح القول بأن قراءة الفاتحة سنة لكان تركها سهوًا يشرع له سجود السهو بلا شك؛ لأن مقام الفاتحة في الصلاة أعظم من التشهد؛ إلا أن القول بأن قراءة الفاتحة سنة في الصلاة -سواء أقيل: سنةٌ في الأقل، فرضٌ في أكثر الركعات، أم قيل: سنة في كل ركعة- قول ضعيف جدًّا، وإن قال به الشافعي في القديم، ورواية عن الإمام أحمد، ورواية شاذة عن الإمام مالك، والصحيح أن قراءتها فرض في كل ركعة، وأن تركها عمدًا يبطل الصلاة، وسهوًا يوجب الرجوع والتصحيح إن أمكن تدارك الركن، وإلا بطلت الركعة، فإن سلم وطال الفصل بطلت الصلاة، وقد ذكرت أدلة فرضيتها في صفة الصلاة، فارجع إليه زادك الله فقهًا في دينه، والله أعلم.

• دليل من قال: القراءة فرض في أكثر الركعات، سنة في الأقل:

الدليل الأول:

هذا القول من المالكية، وإن قالوا: بأنه سنة في الأقل من جهة اللفظ، لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>