للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأصح أنه لا يعذر في شيء منها» (١).

وجاء في مسائل أبي داود: «سمعت أحمد سئل عمن صلى، فقرأ، ولم يقرأ بفاتحة الكتاب، قال: لا تجزئه صلاته» (٢).

وفي مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج: «سئل -يعني أحمد- عمن نسي القراءة، قال: يعيد» (٣).

فظاهر هذا الإطلاقات عن الإمام مالك وأحمد والشافعية أنه لا فرق بين كونه قد علم بذلك قبل السلام أو علم بعد أن سلَّم؛ لأنهم لو أرادوا أن يفرقوا في الحكم لاشترطوا في البطلان طول الفاصل.

فلما أبطلوا الصلاة بترك القراءة مطلقًا علم أنه لا فرق؛ لأن مجرد السلام لا يمنع من البناء إلا مع طول الفصل.

ونقل صاحب الإنصاف عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه: إنْ تَرَكَ القراءة في ثلاث، ثم ذكر في الرابعة، فسدت صلاته واستأنفها (٤).

وهذا نص صريح في أن الإبطال لا يختص بالسلام.

وخالف الحنفية، فقال أبو حنفية ومحمد بن الحسن: إن صلى أربع ركعات بغير قراءة فعليه قضاء ركعتين ويسجد للسهو، وهذا القول فرع عن قولهم: القراءة فرض في


(١) المجموع (١/ ٤٧٠).
(٢) مسائل أبي داود (ص: ٤٩)، وانظر: مسائل أبي الفضل (٣٣٣).
(٣) مسائل أحمد وإسحاق (٤١٧).
(٤) انظر: الإنصاف (٢/ ١١٢).
وجاء في شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٢٨): «وإن ذكر أنه ترك من أربع ركعات أربع سجدات بعد السلام، بطلت صلاته؛ لما تقرر أن من ترك ركنا من ركعة ولم يذكره حتى سلم: كتارك ركعة، فيكون هذا كتارك أربع ركعات، فلم يبق له شيء يبني عليه فتبطل».
فالتعليل هذا يدل على بطلان الصلاة بترك القراءة في كل الركعات، فإن قيل: هذا في حق من تذكر ذلك بعد السلام، ولهذا تارك الأربع سجدات لو تذكر قبل السلام لم تبطل صلاته.
فالجواب: أن الركعة الأخيرة يمكن تصحيحها بإضافة سجدة، فيكون الباطل ثلاث ركعات، فيمكنه البناء، بخلاف من ترك القراءة في أربع ركعات فلم يبق له ركعة صحيحة يمكنه البناء عليها، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>