وطال الفصل فلا شيء عليه؛ لكونه سنة فات محلها، هذا توجيه قول الشافعية.
وأما توجيه قول الحنابلة مع قولهم بوجوب السجود، فهو مني على مسألتين:
الأولى: وجوب الموالاة بين سجود السهو والصلاة، فهو ليس عبادة مستقلة بنفسه، بل تابع للصلاة قبليًا كان أو بعديًا مرتبط بها ارتباط المسبب بالسبب، لا ينفك السجود عن موجبه وهو السهو، فاشترط موالاته حتى يمكن بناؤه على أفعال الصلاة.
الثانية: أن الواجبات تسقط بالسهو، كما لو قام عن التشهد الأول ناسيًا، لم يرجع إليه، فكذلك إذا نسي سجود السهو حتى طال الفصل سقط عنه.
• دليل المالكية على التفريق بين القبلي والبعدي:
أن القبلي تبطل الصلاة بطول الفصل؛ لارتباطه بالصلاة فهو ملحق بها بمنزلة سجدة منها، وأما البعدي فلا تبطل الصلاة بتركه؛ لوقوعه بعد التحلل منها، فهو مستقل بنفسه، ولأنه جبر للعبادة خارج منها، فيسجد متى ذكره.
• ونوقش هذا:
السجود تابع للصلاة من غير فرق بين القَبْلِيِّ والبعديِّ، وقولنا: تابع، لا يعني أنه جزء من الماهية، وإنما مرتبط بها ارتباط المسبب بسببه.
قال السرخسي:«السجدة إذا كانت من ركعة فهي من صلب الصلاة، وإذا كانت من تلاوة فليست من صلب الصلاة»(١).
فلم يجعل الحكم في التفريق محل السجدة، فإن سجدة التلاوة إذا وجد سببها في الصلاة سجدها داخل الصلاة، ومع ذلك لم يعتبرها من صلب الصلاة.
وانظر الجواب على القول بالتفريق بين القبلي والبعدي في مسألة ترك سجود السهو عمدًا، فأغنى ذلك عن إعادتها هنا.
• دليل المالكية في التفريق بين ترك ثلاث سنن وبين ترك سنتين:
ذكرت دليلهم ومناقشته في مسألة: ترك سجود السهو عمدًا، فأغنى ذلك عن إعادتها هنا، فارجع إليه إن شئت.