للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ركعتان، أيجوز له البناء على ما صلى أمس، أم يطالب باستئناف الصلاة؛ لتعذر البناء لطول الفصل.

فإن قلنا: يطالب بالاستئناف، قلنا: وكذلك سجود السهو، فهو ملحق بالصلاة وتبع لها، فما جاز فيه البناء على أفعال الصلاة جاز معه تدارك سجود السهو، وما امتنع فيه البناء على أفعال الصلاة امتنع إلحاق سجود السهو؛ لأن السهو مرتبط بالصلاة ارتباط المسبب بالسبب، فالسهو وهو موجب السجود حدث في الصلاة، فلا يفصل المسبب عن سببه، فحديث أبي هريرة وعمران جاز فيهما البناء على أفعال الصلاة، واعتبرت كل الأفعال المنافية للصلاة في حكم العدم، فجاز إلحاق سجود السهو؛ لأنه تبع لأفعال الصلاة، فليس في هذين الحديثين دليل على أنه يجوز تدارك سجود السهو ولو امتنع البناء على أفعال الصلاة، وأنه متى ذكر سجود السهو ولو بعد شهر فعليه أن يسجد، هذا لا يستفاد من الحديثين؛ فكل زمن تفوت به الموالاة الواجبة بين أفعال الصلاة فإنه يفوت به سجود السهو، والعكس صحيح، فإذا لم تفت الموالاة، وأمكن البناء على أفعال الصلاة صح بناء سجود السهو عليها، ولا حجة في قول مكحول ومحمد بن أسلم في المصلي ينسى سجدة أو ركعة يصليها متى ما ذكرها، ويسجد للسهو، وقال الأوزاعي لرجل نسي سجدة من صلاة الظهر فذكرها في صلاة العصر يمضي في صلاته، فإذا فرغ سجد (١).

فهذا القول لا يعرف لغيرهم، ولا دليل عليه، والأصل أن من ترك سجدة من ركعة بطلت الركعة كاملة؛ لأنه لا يعتد بها إلا بسجدتيها، فإذا وصل إلى مثلها من الركعة التالية بطلت على الصحيح وهو مذهب الشافعية، وقيل: تبطل إذا شرع في قراءة الركعة التي تليها على مذهب الحنابلة، وقيل: إذا رفع من ركوع الركعة التي تليها على مذهب المالكية، وإذا كان هذا الحكم وهو ما زال في الصلاة، فكيف يقال: إذا ترك سجدة من ركعة، عليه أن يسجد فقط متى تذكرها، وصلاته صحيحة، ولو أخل بالموالاة، فإن كان سجود السهو مخرجًا على هذا القول فهو في غاية الضعف، فإن مكحولًا ومن ذكر معه يستدل لقولهم، وليس قولهم دليلًا يحتج به، والله أعلم.


(١) الإشراف على مذهب العلماء (٢/ ٦٨)، الأوسط (٣/ ٢٩٧)، المغني (٢/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>