قال أحمد كما في مسائل أبي داود (٦١): «سمعت يحيى بن آدم يقول: ليس السائب بن مالك الذي روى عنه أبو إسحاق: صلاة الكسوف: أبو عطاء بن السائب». وقال أبو داود في مسائل أحمد (٤٢٨): «سمعت أحمد سئل: السائب أبو عطاء، من روى عنه؟ قال: ما أعلم أحدًا روى عنه، روى أبو إسحاق، عن السائب بن مالك، عن عبد الله بن عمرو؛ في صلاة الكسوف، وزعموا أنه ليس بأبيه». فإن كان الشأن كما يقول يحيى بن آدم، لم يكن طريق أبي إسحاق متابعة لعطاء بن السائب، والله أعلم، كما أن أبا إسحاق لم يرو عن السائب فيما وصل إلينا إلا ثلاثة أحاديث، منها حديث الباب في صلاة الكسوف. ومنها حديث: يقال يوم القيامة لصاحب القرآن: اقرأ وارقه أو قال: ارق في درجات الجنة، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا … والحديث رواه محمد بن عبد الرحيم المقدسي في المنتقى من سماعاته (١٥)، وفي الأمالي الخميسية للشجري كما في ترتيب الأمالي (٥٢٣)، من طريق إسماعيل بن عمرو، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن السائب، عن عبد الله بن عمرو. وإسماعيل بن عمرو بن نجيح ضعيف، ضعفه أبو حاتم الرازي، والعقيلي، وقال العقيلي أيضًا: في حديثه مناكير، ويحيل على من لا يحتمل. وقال البيهقي في السنن: حدث بأحاديث لم يتابع عليها. وحديث آخر عند البزار (٢٤٤٣) رواه من طريق قبيصة، قال: أخبرنا الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن عمرو ﵄، أن النبي ﷺ كان يقول: إن الله ﵎ أَضَنُّ بدم عبده المؤمن من أحدكم بكريمة ماله حتى يقبضه على فراشه. فإذا كان أبو إسحاق كل ما رواه عن السائب، حديث الباب، وهو ضعيف لإرساله، وحديثين فيهما ضعف، فالأول فيه علتان: أحدهما: إسماعيل بن عمرو، والثانية: أنه من رواية أبي بكر ابن عياش، عن أبي إسحاق، وروايته عنه مضطربة. والحديث الثاني، من رواية قبيصة بن عقبة، عن سفيان، وقد تكلم بعضهم في رواية قبيصة، عن الثوري. فتبين من هذا أن قوله: (نفخ) تفرد بها أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، على اختلاف عليه: فرواه محمد بن العلاء، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق به موصولًا بذكر النفخ. ورواه يحيى بن آدم، وأحمد بن يونس، عن أبي بكر بن عياش به، وليس فيه ذكر للنفخ. ورواه شريك، عن أبي إسحاق به موصولًا، وليس فيه ذكر النفخ. كما رواه شعبة، والثوري، وإسرائيل ثلاثتهم عن أبي إسحاق، عن السائب مرسلًا، وليس فيه ذكر النفخ، فتفرد أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق بذكر النفخ على اختلاف عليه في ذكره، لا يجعل من هذا الحرف محفوظًا، ولا يمكن القول بأن هذه المتابعة من أبي إسحاق تقوي رواية عطاء بن السائب، عن أبيه، والله أعلم.