للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وفي السير لابن إسحاق: أن المسلمين بالحبشة لما بلغهم أن النبي هاجر إلى المدينة رجع منهم إلى مكة ثلاثة وثلاثون رجلًا، فمات منهم رجلان بمكة، وحبس منهم سبعة، وتوجه إلى المدينة أربعة وعشرون رجلًا، فشهدوا بدرًا.

فعلى هذا كان ابن مسعود من هؤلاء، فظهر أن اجتماعه بالنبي بعد رجوعه كان بالمدينة، وإلى هذا الجمع نحا الخطابي، ولم يقف من تعقب كلامه على مستنده، ويقوي هذا الجمع رواية كلثوم المتقدمة فإنها ظاهرة في أن كلًّا من ابن مسعود، وزيد بن أرقم حكى أن الناسخ قوله تعالى: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ … ﴾ [البقرة: ٢٣٨]» (١).

قلت: وسواء أكان التحريم بمكة، أم كان بالمدينة، فإن تحريمه بالمدينة كان قبل معركة بدر، وقصة ذي اليدين قد شهدها أبو هريرة، وهي متأخرة، فلا يصح دعوى أن قصة ذي اليدين وقعت قبل تحريم الكلام؛ لأننا علمنا أن هذا القول قد بني على قول الزهري: (ذو الشمالين) وهو قد استشهد ببدر، وكل ذلك كان وهمًا من الزهري، .

الجواب الثالث عن كلام بعض المصلين عمدًا في صلب الصلاة:

أن الكلام المنهي عنه هو مطلق الكلام، وأن المأذون فيه: ما كان يتعلق في الصلاة لإصلاحها، فحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين أخص من حديث زيد بن أرقم وابن مسعود، والخاص مقدم على العام، فيكون النهي عن الكلام خص منه ما كان في مصلحة الصلاة لإصلاحها إذا تعذر الإفهام عن طريق التسبيح، فيغتفر اليسير، وهذا توجه الإمام مالك ، وهو أقوى الأقوال خاصة بعد دفع ما قيل: إن هذا وقع قبل تحريم الكلام.


(١) فتح الباري لابن حجر (٣/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>