وخالفه عمر بن عبد الواحد، والفريابي، وابن أبي العشرين، فرووه عن الأوزاعي، عن الزهري، عن الثلاثة، مرسلًا. فصارت الرواية عن الأوزاعي، رواه الوليد بن مسلم، ومبشر بن إسماعيل، ومحمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الثلاثة، عن أبي هريرة موصولًا. وخالفهم الفريابي، وعبد الواحد، وابن أبي العشرين، عن الأوزاعي به مرسلًا، ولعل هذا الاختلاف من قبل الأوزاعي، فهو وإن كان إمام أهل الشام وفقيههم، إلا أن الأئمة تكلموا في روايته عن الزهري. قال يعقوب بن شيبة، عن ابن معين: الأوزاعي في الزهري ليس بذاك، وقال يعقوب: والأوزاعي ثقة ثبت، وفي روايته عن الزهري خاصة شيء. انظر: تهذيب التهذيب (٦/ ٢٤١)، شرح علل الترمذي (٢/ ٦٧٥). وقال ابن معين أيضًا كما في شرح علل الترمذي (٢/ ٦٧٥): « … أخذ كتاب الزهري من الزبيدي». وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين، عن الأوزاعي: ما حاله في الزهري؟ فقال: ثقة، ما أقل ما روى عن الزهري. فذهب بعض العلماء إلى أن هذه الطرق جميعها محفوظة. قال أبو بكر بن خزيمة (١٠٥١): سمعت محمد بن يحيى يقول: وهذه الأسانيد عندنا محفوظة عن أبي هريرة، إلا حديث أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، فإنه يتخالج في النفس منه أن يكون مرسلًا لرواية مالك، وشعيب، وصالح بن كيسان، وقد عارضهم معمر، فذكر في الحديث أبا هريرة، والله أعلم. وقال البيهقي في السنن (٢/ ٥٠٤): «وهذا حديث مختلف فيه على الزهري، فرواه صالح بن كيسان هكذا، وهو أصح الروايات فيما نرى، حديثه عن ابن أبي حثمة مرسل، وحديثه عن الباقين موصول، وأرسله مالك بن أنس عنه، عن ابن أبي حثمة وابن المسيب وأبي سلمة وأسنده يونس بن يزيد عنه عن جماعتهم دون روايته، عن ابن أبي حثمة، وأسنده معمر عنه عن أبي سلمة وأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة». اه. ولا يستطيع الباحث الترجيح بين الموصول والمرسل، فقد أرسله الإمام مالك، وهو مقدم في الزهري، وتابعه الزبيدي، وهو من أصحاب الطبقة الأولى، كما تابعهما شعيب بن أبي حمزة. ووصله معمر، وهو ثبت في الزهري، وتابعه يونس بن يزيد الأيلي، وعقيل، ورواه صالح بن كيسان والأوزاعي موصولًا ومرسلًا. لهذا الأقرب الحكم باضطرابه؛ لتساوي الوجوه، والله أعلم. قال ابن عبد البر كما في الاستذكار (١/ ٥٠٩): «وقد اضطرب الزهري في إسناد حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين اضطرابًا كثيرًا».