للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أفعال كثيرة منافية، واغتفر ذلك، كالكلام، واستدبار القبلة، والمشي، وزاد في حديث عمران بن الحصين (١): دخول المنزل ثم الخروج منه، ومع ذلك بنى على صلاته.

الدليل الرابع:

قتل الحية والعقرب مطلوب لدفع ضررهما فأشبه دفع العدو حال القتال، وإذا كانت الأفعال الكثيرة في دفعه لا تضر صلاته كما في صلاة الخوف، فكذلك هنا.

قال تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ٢٣٩].

أي: صلوا الصلاة (رجالًا) أي: ماشين على أرجلكم، أو ساعين عليها.

(أو ركبانًا) على الإبل وغيرها من المركوبات.

وحذف المُتَعلَّق؛ ليعم الخوف، فيشمل الخوف من العدو حال القتال، والخوف من اللصوص، وقطاع الطرق، والخوف من السباع، ومنه الخوف من الحيات والعقارب، فكل أمر يخاف منه المصلي فهو مبيح؛ لما تضمنته هذه الآية، فلا يضر صلاته ما كان منه من عمل كثير ما دام أنه لدفع الصائل عليه.

الدليل الخامس:

قياس قتل الحية والعقرب على المصلي إذا سبقه الحدث في أثناء الصلاة، فإن له أن يخرج من الصلاة عند الحنفية، وبه قال الشافعي في القديم، فيذهب ويتوضأ، ويعود إلى صلاته ويبني على ما صلَّى، ولا تبطل صلاته بالمشي والوضوء، وإن كان عملًا كثيرًا منافيًا للصلاة؛ لأن هذا العمل عندهم قصد به إصلاح الصلاة.

وقال به المالكية في الرعاف خاصة، فكذلك يقال هنا، فإنه لو ترك الحية والعقرب لأفسدت عليه صلاته، وقد تكلمت على هذه المسألة في مبحث مستقل.

• دليل من قال: إن تطلب القتل عملًا كثيرًا فسدت:

الحركة الكثيرة تنافي الصلاة عند الحنفية، ولو دعت لها ضرورة كالقتال، أو حاجة كالقراءة من المصحف، والأمر بقتل الحية والعقرب في الصلاة يستفاد منه إباحة الفعل فإن فعل ذلك بضربة أو ضربتين لم تبطل صلاته؛ لأنه عمل يسير، وإن


(١) صحيح مسلم (١٠١ - ٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>