وهب أنه تعرض لثلاث عقارب أو حيات، فقتل كل واحدة بضربة واحدة، أكانت صلاته باطلة؟ فإن قالوا: نعم، قيدوا النص الشرعي بلا دليل، وإن قالوا: لا، بطل شرطهم باشتراط العمل اليسير.
وعلى افتراض أن العمل الكثير يبطل الصلاة، فلا نسلم أن حد الكثير من القليل مرده إلى العدد؛ فإن النبي ﷺ كان يصلي حاملًا إمامة بنت زينب كما في حديث أبي قتادة في الصحيح، فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها طيلة الصلاة، بل ينبغي أن يكون مرده إلى العرف، وقتل الحية والعقرب لا يتطلب عملًا كثيرًا عرفًا خاصة إذا قتلها في حريم مصلاه، أو مشى إليها قليلًا بحدود ما يمشي المصلي لسد فرجة في الصف ونحو ذلك.
• وأجاب الحنفية عن هذا التوجيه:
الأمر بقتلهما ترخيص وإباحة وإن كانت صيغته صيغة الأمر؛ لأن قتلهما ليس من أعمال الصلاة، ولهذا لو عالجهما معالجة كثيرة في قتلهما فسدت صلاته.
• ورد هذا الجواب:
بأن قلتهما وإن لم يكن من عمل الصلاة إلا أن هذا العمل فيه مصلحة للمصلي بحفظه عن الأذى، ومصلحة للصلاة بحفظها عن الإفساد، فاغتفر العمل الكثير، وكل عمل فيه مصلحة للصلاة يغتفر العمل الكثير، فقد صلى النبي ﷺ فوق المنبر، فكان إذا سجد نزل، وإذا قام صعد من أجل التعليم، والحديث في الصحيح، وتقدم وتأخر في صلاة الكسوف حتى بلغ مصلى النساء، واغتفر ذلك، فهذا من جنسه.
الدليل الثالث:
أن قتل الحية والعقرب وإن تطلب عملًا كثيرًا لا يفسد الصلاة؛ لأن هذا العمل قصد به حفظ النفس وحفظ الصلاة عن الفساد؛ لأن تركهما قد يؤدي إلى إفساد الصلاة، فاغتفر.
وبأن حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين في الصحيحين (١)، قد اجتمع مع السلام