للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وإذا عاد أيعتبر عوده تكرارًا للركن، فيبطل ذلك صلاته، أم يعتبر عوده تصحيحًا لفعله؟ في كل ذلك حصل خلاف بين العلماء.

فقيل: من ركع أو سجد قبل إمامه بطلت صلاته، وبه قال أهل الظاهر، واختاره بعض الشافعية (١).

وقيل: يحرم فعله، وركوعه وسجوده صحيح، ولو تعمد ذلك، حكاه ابن عبد البر عن جمهور العلماء (٢)، على خلاف بينهم في حكم رجوعه:

فقال الحنابلة: يجب عليه أن يرجع ليأتي به بعده، فإن أبى الرجوع عالمًا عامدًا حتى أدركه إمامه فيه بطلت صلاته، وهو مذهب الحنابلة، وبه قال زفر من الحنفية (٣).

وقيل: إذا ركع قبل إمامه فأدركه إمامه فيه صح ركوعه إن كان ركوع المقتدي بعد ما قرأ الإمام قدر فرض القراءة، وكره تحريمًا للنهي عن المسابقة. فإن كان ركوع المقتدي قبل أن يقرأ الإمام مقدار الفرض، أو رفع المقتدي رأسه قبل أن يركع الإمام، لم يجزه، وهذا مذهب الحنفية (٤).

وقال المالكية: إن خفض قبل إمامه للركوع أو السجود فقد أساء في خفضه قبل إمامه، ولا يؤمر بالعود لاتباع إمامه.

وإن رفع قبل إمامه، وظن أنه لو رجع أدرك الإمام قبل أن يرفع، فقال مالك: يسن له أن يرجع ليرفع بعده، وبه قال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وعطاء (٥).


(١) شرح البخاري لابن بطال (٢/ ٣١١)، فتح العزيز (٤/ ٣٩٤، ٣٩٥).
(٢) نقله القرطبي عن ابن عبد البر في تفسير القرآن (١/ ٣٥٨).
(٣) شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٦٤)، كشاف القناع (١/ ٤٦٥)، مطالب أولي النهى (١/ ٦٢٨).
(٤) الدر المختار شرح تنوير الأبصار (ص: ٩٧)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٦١)، البحر الرائق (٢/ ٨٣)، تبيين الحقائق (١/ ١٨٥)، كنز الدقائق (ص: ١٨٠)، حاشية الشرنبلالي على درر الحكام (١/ ١٢٤)، الهداية شرح البداية (١/ ٧٢)، فتح القدير (١/ ٤٨٣)، البحر الرائق (٢/ ١١١)، العناية شرح الهداية (١/ ٤٨٣)، تبيين الحقائق (١/ ١٩٦)، الدر المختار شرح تنوير الأبصار (ص: ٨٦)، مراقي الفلاح (ص: ١٧٦، ١٧٧)، البحر الرائق (٢/ ١١١).
(٥) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٤٦٢٤)، حدثنا هشيم، قال: أخبرنا يونس، عن الحسن، أنه
كان يقول: إذا رفع رأسه قبل الإمام الساجد فليعد، فليسجد. وسنده صحيح.
وروى ابن أبي شيبة في المصنف (٤٦٢٥)، حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم أنه كان يقول ذلك. يعني: كقول الحسن، والمغيرة ثقة، والمغيرة يدلس عن إبراهيم، ولعل ذلك فيما يرويه مرفوعًا أو موقوفًا، بخلاف المقطوع، والله أعلم.
نسب ذلك إلى إبراهيم النخعي والحسن البصري ابن المنذر في الأوسط (٤/ ١٩١).
وروى ابن أبي شيبة في المصنف (٤٦٢٧)، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: إذا رفعت رأسك قبل الإمام فعد إلى أن ترى الإمام قد رفع قبلك. وسنده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>