للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد سُبِق الخطابي في النقل عن مالك،

قال ابن المنذر: «وكان مالك يفعل ذلك أكثر من مرة واحدة في صلاة واحدة، قال: وكان لا يرى بالشيء الخفيف منه بأسًا عند العذر» (١).

فإن قيل: إن ابن المنذر والخطابي من الشافعية، فقول القاضي عياض مقدم عليهما، فالجواب أن ابن بطال قد حكى مثل ذلك عن الإمام مالك، وهو من المالكية، وسيأتي النقل عنه إن شاء الله تعالى.

قال ابن حجر: ولعل مالكًا لم يبلغه الخبر (٢).

فعلق على ذلك الزرقاني في شرح الموطأ: «والأولى -إن صح ذلك عن مالك- أنه كان يفعله مرة واحدة مسحًا خفيفًا كفعل ابن عمر، وترجي أنه لم يبلغه الخبر بعيد جدًّا، أو ممنوع مع ذكره حديث أبي ذر، وإن كان موقوفًا بقوله» (٣).

يقصد ما رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد،

أنه بلغه أن أبا ذر كان يقول: مسح الحصباء مسحة واحدة، وتركها، خير من حمر النعم (٤).

(ث-٥٥١) وروى مالك في الموطأ رواية محمد بن الحسن، حدثنا أبو جعفر القارئ، قال: رأيت ابن عمر إذا أراد أن يسجد سوَّى الحصى تسوية خفيفة (٥).

وليس في فعل ابن عمر ما يفيد تقييد الجواز بمرة واحدة، والخفيف يقصد به اليسير، فهو بمنزلة الحركة، وتكرارها مع الحاجة لا يمنع إذا كانت غير متوالية، والله أعلم.

وهو ظاهر نقل ابن المنذر عن ابن عمر (٦).


(١) الأوسط (٣/ ٢٥٨).
(٢) فتح الباري (٢/ ٣٥٥).
(٣) شرح الزرقاني على الموطأ (١/ ٥٤٤)، وانظر: لوامع الدرر في هتك أستار المختصر (٢/ ٨٦).
(٤) موطأ مالك رواية يحيى بن يحيى (١/ ١٥٧).
(٥) موطأ مالك رواية محمد بن الحسن الشيباني (١٤٣).
(٦) قال ابن المنذر في الأوسط (٣/ ٢٥٨): «اختلف أهل العلم في مس الحصى في الصلاة: فرخصت فيه طائفة: كان ابن عمر يصلي فيمسح الحصى برجله، وروي عن ابن مسعود أنه
كان يسوي الحصى بيده مرة واحدة إذا أراد أن يسجد».
فظاهره إلحاق ابن عمر في الطائفة التي رخصت فيها، وأما المرة الواحدة فنسبها لابن مسعود وحده، والله أعلم. وانظر الإشراف على مذاهب العلماء (٢/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>