للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أما كونه لا ينافي خشوع الجوارح:

فلكونه معدودًا من الحركة اليسيرة، وكل حركة يسيرة في الصلاة فإنها لا تنافي الخشوع، فتباح للحاجة، وتكره بدونها.

أما كونه لا ينافي خشوع القلب:

فذلك لأن خشوع القلب يقصد به نوعين:

الأول: تأثر القلب بما يقرأ أو يسمع من كتاب الله، وهذا ليس بمِلك العبد، بل هو مِنَّةٌ من الله، والناس متفاوتون فيه بحسب ما وقر في القلب من الإيمان والخشية.

والثاني: حضور القلب وتدبره لما يقرأ أو يسمع، وهذا هو المطلوب في الصلاة قدر الإمكان.

والالتفات بالوجه والصدر، إذا لم يكثر في الصلاة، فإنه لا ينافي خشوع القلب بهذا المعنى، فالالتفات بالوجه والصدر لا يحجب القلب عن تدبر وسماع ما يقرأ، وإن فعله بلا حاجة كره؛ لكونه منافيًا لكمال الخشوع، ولم يحرم الالتفات لأن الخشوع وإن كان روح الصلاة، قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ [المؤمنون: ٢]. فهو ليس من أركان الصلاة بالإجماع، ولا من واجباتها على الصحيح، وقد حكي الإجماع على عدم وجوبه، ولا تعاد الصلاة لفواته، ولو كان واجبًا لوجب إعادة الصلاة لتركه عمدًا، أو جبره بالسجود إن تركه سهوًا، وإذا كان هذا الحكم في ترك الخشوع فكيف يكون الحكم في ترك كماله هذا على القول بأن الالتفات إذا لم يكثر ينافي كمال الخشوع.

ولأن القلب قد يخشع مع حركة الجسد، كخشوع الطائف وقت الرَّمَلِ، ووقت السعي بين العلمين فيجتمع للعبد الابتهال بالدعاء، والسعي والرمل بالطواف.

الدليل الثاني:

جاء عن بعض الصحابة بأسانيد صحيحة الانصراف عن القبلة بسبب الرعاف، ثم البناء على الصلاة، وإذا لم يبطل الانصراف لم يبطل الالتفات من باب أولى.

(ث-٥٣٠) فقد روى مالك، عن نافع،

<<  <  ج: ص:  >  >>