المصلي بين الصلاة فيهما أو خلعهما كما سيأتي ذكره في أدلة القول الثاني، فالنبي ﷺ لم يكن يتقصد الصلاة فيهما بل إن كان منتعلًا صلى بهما، وإن كان حافيًا صلى كذلك، ولم يطلبهما.
قال ابن دقيق العيد في الإحكام تعليقًا على حديث أنس، قال:«الحديث دليل على جواز الصلاة في النعال، ولا ينبغي أن يؤخذ منه الاستحباب؛ لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة.
فإن قلت: لعله من باب الزينة، وكمال الهيئة، فيجري مجرى الأردية والثياب التي يستحب التجمل بها في الصلاة؟
قلت: هو -وإن كان كذلك- إلا أن ملامسته للأرض التي تكثر فيها النجاسات مما يقصر به عن هذا المقصود، ولكن البناء على الأصل، إن انتهض دليلًا على الجواز، فيعمل به في ذلك. والقصور الذي ذكرناه عن الثياب المتجمل بها يمنع من إلحاقه بالمستحبات إلا أن يرد دليل شرعي بإلحاقه بما يتجمل به فيرجع إليه، ويترك هذا النظر، ومما يقوي هذا النظر -إن لم يرد دليل على خلافه- أن التزين في الصلاة من الرتبة الثالثة من المصالح، وهي رتبة التزيينات والتحسينات، ومراعاة أمر النجاسة: من الرتبة الأولى وهي الضروريات، أو من الثانية وهي الحاجيات على حسب اختلاف العلماء في حكم إزالة النجاسة. فيكون رعاية الأولى بدفع ما قد يكون مزيلًا لها أرجح بالنظر إليها. ويعمل بذلك في عدم الاستحباب» (١).
الدليل الثالث:
(ح-٢١٩٨) ما رواه أحمد، قال: ثنا يزيد، أخبرنا حماد بن سلمة، عن أبي نعامة، عن أبي نضرة،
عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله ﷺ صلى، فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال: لم خلعتم نعالكم؟ فقالوا: يا رسول الله رأيناك خلعت فخلعنا. قال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثًا فإذا جاء أحدكم المسجد