للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مع تصور أن جهرهم غير مشروع من المصلين، فهذا يؤدي إلى تعلم صفة غير مشروعة، وأن يلتبس المشروع بغيره، وترك الذكر جملة أخف من إحداث صفة فيه ليست مشروعة؛ لأن الأول ترك لأمر مستحب، وفعله ليس بلازم، وإحداث الجهر على الزعم بأنه غير مشروع بدعة فيه، فلا يكون فعل البدعة سبيلًا لتعليم السنة.

فلما أقرهم النبي على الجهر بهذا الذكر، ولم يحفظ من النبي نهي عن جهر المأموم علم أن الجهر سنة مقصودة.

خامسًا: لو كان الجهر للتعليم لكان في اللفظ ما يدل على أنه كان يفعله أحيانًا، كما قال أبو قتادة: كان النبي يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب، وسورة سورة، ويسمعنا الآية أحيانًا، متفق عليه (١).

فإذا قال ابن عباس (إن رفع الصوت بالذكر … كان على عهد النبي )، فالفعل (كان) يفيد المواظبة.

وقوله: (ما كنا نعرف انقضاء صلاته إلَّا بالتكبير) (فصلاته) تعم جميع صلواته المكتوبة لا بعضها كما زعم، وظاهره التكرار والمداومة على ذلك.

الجواب الثاني:

قول ابن عباس (رفع الصوت بالذكر على عهد رسول الله ) دليل على أنه لم يكن يفعل ذلك الصحابة حين حدث ابن عباس بهذا الحديث، وهو يدل على أنه لم يواظب عليه النبي طوال حياته.

• ورد على هذا:

أولًا: القول بأن الصحابة لم يكونوا يرفعون أصواتهم بالذكر في الوقت الذي قال فيه ابن عباس ما قال، عقب على ذلك الحافظ ابن حجر، فقال: «التقييد بالصحابة فيه نظر، بل لم يكن حينئذ من الصحابة إلا القليل» (٢).

باعتبار أن ابن عباس قاله حين تصدر للعلم والفتوى، وهو يومئذ كبير، وقد كان معدودًا في صغار الصحابة.


(١) صحيح البخاري (٧٦٢)، وصحيح مسلم (١٥٤ - ٤٥١).
(٢) فتح الباري (٢/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>