للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعلى التنزل فإذا تحقق أنه يشوش كان يمكن خفض الصوت قليلًا حتى تندفع المفسدة، ولا تترك السنة، أما أن يترك الجهر مطلقًا حتى في الحال الذي لا يكون في المصلين من يقضي صلاته بحجة التشويش فهذه دعوى.

الدليل الخامس:

(ث-٥١٣) ما رواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن عطاء بن السائب،

عن أبي البختري قال: إن عبيدة لآخذ بيدي، إذ سمع صوت المصعب بن الزبير وهو يقول: لا إله إلا الله والله أكبر، مستقبل القبلة بعدما سلم من الصلاة، فقال عبيدة: ما له قاتله الله نعار بالبدع (١).

[حسن] (٢).

• ويجاب بأجوبة منها:

الأول: ليس في قول عبيدة السلماني حجة يمكن يعارض بها السنة المرفوعة، فقول عبيدة يستدل له، لا يستدل به، وقول عبيدة وفعل مصعب بن الزبير يعرض على السنة المرفوعة، فما وافق منهما السنة كان قوله مقبولًا، وإلا كان قوله ردًا عليه.

الثاني: إن كان إنكار عبيدة السلماني متوجهًا إلى الجهر فما فعله مصعب بن الزبير هو السنة، وجاء إنكار عبيدة؛ لأن الناس إذا ألفوا هجر السنة أنكروها، ونسبوا فاعلها إلى البدعة، وهذه إحدى العقوبات على هجر السنن، وقد سبقه إنكار عكرمة على الإمام الذي كبر اثنتين وعشرين تكبيرة، ونسبه إلى الحمق، ولم يفعل إلا سنة متفقًا عليها، فإنكار عبيدة من هذا الباب.

وإن كان إنكار عبيدة متوجهًا إلى صفة الذكر وأنه يرى أنه مخالف للصفة الواردة في السنة، فهذا يمكن الجزم به لو أنه نقل لنا صفة الذكر الذي قاله مصعب بن الزبير، والقدر المذكور منه لا يظهر لي أنه مخالف للسنة.

وربما كان إنكار عبيدة؛ لأن مصعبًا كان إمامًا ولم ينحرف عن القبلة حال الذكر، وكانوا يكرهون استقبال القبلة للإمام بعد الفراغ من الصلاة إلا مقدار


(١) المصنف (٣٢٢٦).
(٢) ورواه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنف (٣١٠٢) حدثنا محمد بن فضيل، عن عطاء بن السائب به.

<<  <  ج: ص:  >  >>