للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• وأجيب:

بأن المراد بحديث عائشة نفي استمراره جالسًا على هيئته قبل السلام إلا بقدر هذا الذكر، لا نفي الدعاء الخاص.

الدليل الثاني:

«عامة الأدعية المتعلقة بالصلاة إنما فعلها فيها وأمر بها فيها، وهذا هو اللائق بحال المصلي فإنه مقبل على ربه يناجيه ما دام في الصلاة، فإذا سَلَّم منها انقطعت تلك المناجاة، وزال ذلك الموقف بين يديه والقرب منه، فكيف يترك سؤاله في حال مناجاته والقرب منه والإقبال عليه ثم يسأله إذا انصرف عنه؟ ولا ريب أن عكس هذا الحال هو الأولى بالمصلي» (١).

ويقول ابن تيمية: «المصلي يناجي ربه، فدعاؤه له ومسألته إياه، وهو يناجيه أولى به من مسألته ودعائه بعد انصرافه عنه» (٢).

• ويناقش بأكثر من وجه:

الوجه الأول: هذا نظر في مقابل النص، فيكون فاسدًا.

الوجه الثاني: كون الصلاة موضعًا للدعاء أو كون الدعاء فيها أولى ذلك لا يمنع من الدعاء بعدها، ولا يلزم من الدعاء بعد الصلاة ترك الدعاء فيها، فلا تزاحم، فهذا السجود أمرنا فيه بالاجتهاد بالدعاء؛ لقرب العبد من ربه، ولم يمنع ذلك من الدعاء في آخر التشهد، وبين السجدتين، بل وحتى في الركوع، والحَكَم في ذلك هو النص الشرعي.

وهذه الصلاة شرعت لإقامة ذكر الله، قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤]، ومع ذلك أمرنا بالذكر بعد الفراغ من الصلاة، قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٣].

الوجه الثالث: إن كان القول بنفي مشروعية الدعاء بعد الصلاة أنه لا يشرع الدعاء مطلقًا، فالأحاديث الصحيحة ترد هذا القول، وقد سبق ذكرها، وبعضها في


(١) زاد المعاد (١/ ٢٤٩، ٢٥٠).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>