وعبد الواحد بن زياد، كما في سنن ابن ماجه (٩٢٤)، أربعتهم رووه عن عاصم الأحول به، بلفظ: (كان النبي ﷺ إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام). فهنا عاصم بهذه الرواية ذكر أن مقدار اللبث بمقدار ما يقول المصلي هذا الذكر. وظاهره أنه سواء قال هذا الذكر، أو قال غيره، فلا فرق إذا كان بمقداره. ورواه ثابت بن يزيد الأحول كما في مسند أبي داود الطيالسي (١٦٦٢)، عن عاصم الأحول به، ولفظه: (ما كان رسول الله ﷺ ينتظر إذا سلم من الصلاة، إلا أن يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام). وهذا اللفظ صريح بأن اللبث بعد السلام بمقدار أن يقول هذا الذكر، لا بمقدار قوله، وهذه الرواية رغم أنه تفرد بها ثابت بن يزيد، إلا أنها لا تعارض رواية أبي معاوية، ومروان بن معاوية، ويزيد بن هارون، وعبد الواحد بن زياد، بل دفعت أحد الاحتمالين لصالح أحدهما، ويبقى البحث في زيادة (لم يقعد إلا مقدار ما يقول) أهي زيادة محفوظة، أم شاذة؟ فخالد الحذاء، وعاصم الأحول من رواية شعبة والثوري عنه، لا يذكرون هذا الحرف في الحديث. ورواية أبي معاوية، ومروان بن معاوية، ويزيد بن هارون، وعبد الواحد بن زياد، وثابت بن يزيد، عن عاصم الأحول يذكرونه في الحديث، فهل الاختلاف على عاصم بن علي يجعل رواية خالد الحذاء هي المحفوظة، أو نجعل ذلك من زيادة الثقة، خاصة أنه محفوظ عن النبي ﷺ أنه كان إذا سلم مكث يسيرًا في مقامه. فقد روى البخاري (٨٧٠)، قال: حدثنا يحيى بن قزعة، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة ﵂، قالت: كان رسول الله ﷺ إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، ويمكث هو في مقامه يسيرًا قبل أن يقوم. ورواه البخاري (٨٤٩)، قال: حدثنا أبو الوليد، حدثنا إبراهيم بن سعد به، بلفظ: أن النبي ﷺ كان إذا سلم يمكث في مكانه يسيرًا. قال ابن شهاب: فنرى والله أعلم لكي ينفذ من ينصرف من النساء.