للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعلل الحنابلة الكراهة لمخالفة السنة، وهو معنى قول بعض الشافعية بأنه يكره لما فيه من ترك القيام المأمور به (١).

• ونوقش هذا:

أما الكراهة لقيام فاصل بين الإقامة والصلاة، فيقال: إن الأدلة من السنة قد دلت على أن الفاصل لا حرج منه، طويلًا كان أو قصيرًا، فضلًا أن يكون شرطًا في صحة الإقامة.

(ح-١٥٨) فقد روى الإمام البخاري ومسلم من طريق يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة،

عن أبي هريرة، قال: أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قيامًا، فخرج إلينا رسول الله ، فلما قام في مصلاه، ذكر أنه جنب، فقال لنا: مكانكم، ثم رجع فاغتسل، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر، فكبر فصلينا معه (٢).

(ح-١٥٩) وروى البخاري من طريق شعبة، عن عبد العزيز،

عن أنس ، قال: أقيمت الصلاة، ورجل يناجي رسول الله ، فما زال يناجيه حتى نام أصحابه، ثم قام فصلى (٣).

ولم تذكر الأحاديث أن الإقامة أعيدت، والأصل عدم الإعادة.

وأما الكراهة بدعوى أنه مخالف لسنة القيام الواردة في الأذان فيقال: لم يثبت دليل صريح على استحباب صفة القيام في الأذان حتى يجزم بالمخالفة، وقد بحثت فيما سبق هذه المسألة وقدمت أن الأدلة في الباب ليست صريحة، ومجرد العمل لا يكفي لإضافة ذلك إلى سنة الرسول ، ولو سلم بأن ذلك سنة أيكون ذلك مطلوبًا لذاته، أم لكونه أبلغ في الإعلام، فينتفي مع مكبرات الصوت؟ كما أنه لا يلزم من ترك المستحب الوقوع في المكروه حتى يحفظ نهي من الشارع عن الأذان قاعدًا، أو راكبًا، ولم يحفظ في ذلك شيء، والله أعلم.


(١) مغني المحتاج (١/ ٣٢٥)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٣٥)، كشاف القناع (١/ ٢٣٩).
(٢) صحيح البخاري (٢٧٥)، وصحيح مسلم (٦٠٥).
(٣) البخاري (٦٢٩٢)، ورواه مسلم (٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>