للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الإمام فلا تقرأ شيئًا (١).

الدليل الخامس:

قال أحمد: «ما سمعنا أحدًا من أهل الإسلام يقول: إن الإمام إذا جهر بالقراءة، لا تجزئ صلاة من خلفه إذا لم يقرأ. وقال: هذا النبي ، وأصحابه والتابعون، وهذا مالك في أهل الحجاز، وهذا الثوري، في أهل العراق، وهذا الأوزاعي، في أهل الشام، وهذا الليث في أهل مصر، ما قالوا لرجل صلى خلف الإمام، وقرأ إمامه، ولم يقرأ هو: صلاته باطلة» (٢).

فهذا الإمام أحمد يحكي الإجماع على صحة صلاة من ترك قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية، مع ما يعرف من تشدده في حكاية الإجماع، وهذا الإجماع لا ينافي الخلاف المحفوظ في وجوب قراءة الفاتحة في الجهرية، فهناك فرق بين مسألة وجوب قراءة الفاتحة في الجهرية، وبين إبطال الصلاة بترك قراءتها إلا عند من يقول: إن ترك الواجب عمدًا يبطل الصلاة كما هو مقرر في مذهب الحنابلة والشافعية، وهي مسألة خلافية.

فإن لم يصح هذا الإجماع فلا أقَلَّ من أن يَدُلَّ على أنه قول أكثر أهل العلم، ذهب إليه الحنفية، والمالكية، والحنابلة، وأحد القولين في مذهب الشافعية (٣).

وإن صح الإجماع كان دليلًا على أن عموم قول النبي في حديث عبادة: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) أريد به غير المأموم.


(١) مصنف عبد الرزاق (٢٧٨٤).
(٢) المغني (١/ ٤٠٤).
(٣) إذا ركع الإمام قبل أن يتم المأموم الفاتحة، كما في بطيء القراءة، ففي مذهب الشافعية ثلاثة أوجه:
أحدها: تسقط عنه الفاتحة، ويتحملها الإمام كما يتحملها عن المسبوق؛ ولقوله : فإذا ركع فاركعوا، ولأنه لو دخل فركع الإمام قبل أن يقرأ لزمته متابعته في الركوع، فكذلك هذا مثله.
والوجه الثاني: أنه يقضي ركعة بعد فراغه من الصلاة.
وفيه وجه ثالث: يلزمه إتمام الفاتحة، ولا يضر التأخر عن الإمام؛ لأنه معذور.
وانظر: الحاوي الكبير (٢/ ٤١٦)، البيان للعمراني (٢/ ٣٧٦)، بحر المذهب للروياني (٢/ ٣٢)، المجموع (٤/ ٢٣٧)، فتح العزيز (٤/ ٣٩٢، ٣٩٣)، المهذب (١/ ١٣٨)، نهاية المحتاج (٢/ ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>