للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قلت: القياس في العبادات ضعيف، ولا يصح إلا مع النص على العلة ووجودها في المقيس، وهذا لا يتأتى هنا، مع أن المقيس عليه، وهو الخطبة لا دليل فيها على كراهتها من الجنب.

الدليل الثالث:

قالوا: إن المؤذن يدعو الناس إلى التأهب للصلاة، فإذا لم يكن متأهِّبًا لها دخل تحت قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ [البقرة: ٤٤].

• ويجاب:

الاستدلال بالآية استدلال في غير ما وضعت له، ولذا قال في آخر الآية: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾، والأذان من الجنب ليس منافيًا للعقل، ثم إن الجنب سوف يصلي فلا يدخل تحت من يأمر الناس بشيء ولا يفعله، غاية ما فيه أنه سوف يذهب للغسل بعد الأذان، فهو كمن أذن، وهو محدث حدثاً أصغر، ثم ذهب يتوضأ بعد الأذان، ولا فرق، إلا أن هذه طهارة لأربعة أعضاء، وهذه طهارة للبدن كله.

• دليل من قال: يصح الأذان من الجنب.

الدليل الأول:

قالوا: لم يَأْتِ نهيٌ من كتاب الله، ولا من سنة رسول الله للجنب يمنعه من الأذان، وقد قال :

﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١١٩]، فصح أن كل ما لم يفصل لنا تحريمه، فهو مباح (١).

والأصل عدم اشتراط الطهارة من الجنابة للأذان، فمن اشترط فعليه الدليل.

الدليل الثاني:

أن الأذان ذكر لله، والجنب لا يمنع من ذكر الله اتفاقًا في غير القرآن الكريم، فكذا لا يمنع من الأذان.

• الراجح:

بعد استعراض أدلة الأقوال نجد أن القول بصحة أذان الجنب هو أقوى


(١) انظر المحلى (٣/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>