ولو لم يخالف أسامة بن زيد الإمام الزهري، حيث رواه الزهري، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وحديثه مخرج في الصحيحين: (أن النبي ﷺ انصرف قبل أن يكبر) لاحتمل حديث أسامة بن زيد. فأسامة بن زيد ضعفه يحيى بن سعيد القطان، وتكلم أحمد فيه، فقال: ليس بشيء، كما تكلم في روايته عن نافع، وقال النسائي والدارقطني: ليس بالقوي، وقال عبد الله بن أحمد لأبيه: أراه حسن الحديث، فقال له: إن تدبرت حديثه فستعرف فيه النكرة. وقد روى عنه الثوري، وابن المبارك. واختلف قول يحيى بن معين فيه، قال ابن عبد الهادي في التنقيح (٢/ ٣٠، ٣١) في ترجمة أسامة بن زيد: «واختلفت الرواية فيه عن يحيى بن معين، فقال مرة: ثقة صالح. وقال مرة: ليس به بأس. وقال مرة: ثقة حجة. وقال مرة: ترك حديثه بأخرة». اه وتعقب الذهبي في الميزان (١/ ١٧٤) فقال: «قال ابن الجوزي: اختلفت الرواية عن ابن معين … وقال مرة: ترك حديثه بأخرة. الصحيح أن هذا القول الأخير ليحيى بن سعيد». اه قلت: القول لابن عبد الهادي في التنقيح، وليس لابن الجوزي في التحقيق، وهذا لا يغير شيئًا من قيمة انتقاد الذهبي، وإنما من أجل أمانة نسبة القول، فينظر في وجاهة تعقب الذهبي. وأخرج له مسلم في الشواهد والمتابعات، غير محتج به. قال الذهبي عن أسامة في السير (٦/ ٣٤٣): قد يرتقي حديثه إلى رتبة الحسن. والتعبير ب (قد) له دلالته، وقال فيه الحافظ في التقريب: صدوق يهم. نعم ورد أن النبي ﷺ كبر بعد أن دخل في الصلاة من حديث أبي بكرة، وحديث أنس، ومرسل محمد بن سيرين، وصحة ذلك في هذه الأحاديث لا تجعل حديث أسامة محفوظًا من مسند أبي هريرة، فتلك أحاديث لم يختلف على رواتها في ذكر ذلك، بخلاف حديث أسامة بن زيد الليثي، في تفرده في ذكر ذلك من مسند أبي هريرة، ومخالفته لإمام كبير عليه مدار كثير من أحاديث السنة، فلا يشك الباحث في وهم أسامة بن زيد، والله أعلم، إذا وقفت على ذلك نأتي إلى ذكر من خَرَّجَ حديث أسامة. الحديث رواه أحمد (٢/ ٤٤٨)، والدارقطني (١٣٦١)، والبيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٥٥٦)، عن وكيع. وابن ماجه (١٢٢٠)، من طريق عبد الله بن موسى التيمي، كلاهما (وكيع بن الجراح، وعبد الله بن موسى)، عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن يزيد، مولى الأسود بن سفيان، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان … فذكره. قال ابن رجب في الفتح (٥/ ٤٣٢) بعد أن ذكر هذا الحديث، قال: «وأسامة بن زيد هو الليثي، وليس بذلك الحافظ». =