ومثله في الحكم لو انتقل من نفل معين إلى نفل معين آخر:
كأن ينتقل من وتر إلى ركعتي الفجر، فيبطل النفل المعين الأول لتغيير النية.
ولم يتحصل له النفل المعين الثاني؛ لأنه لم ينوه من أوله.
وينقلب نفله الأول المعين إلى نفل مطلق؛ لأن إبطال التعيين لا يستلزم إبطال مطلق الصلاة، كما قلنا: إن إبطال الأخص لا يستلزم إبطال الأعم.
الصورة الثانية: أن ينتقل من فرض في وقته المتسع إلى نفل مطلق، ومثله لو انتقل من نفل معين إلى نفل مطلق.
فهذا يصح، وينقلب نفلًا؛ لأن نية الفرض والنفل المعين تضمنت نية النفل المطلق، فإذا قطع نية الفرض، أو نية التعيين في النفل المعين، بقيت نية النفل المطلق، أشبه ما لو أحرم بفرض، فبان قبل وقته.
فإن فعل ذلك لغرض صحيح كإدراك جماعة كان مطلوبًا، وإلا كره؛ لما فيه من إبطال الفرض.
وقيل: يحرم قلب الفرض نفلًا لغير غرض صحيح، فتبطل الصلاة بذلك (١).
الصورة الثالثة: أن ينتقل من نفل إلى فرض:
فهذا لا أثر له في الانتقال؛ لأنه لا يمكن بناء القوي على الضعيف.
وهذه الصورة وإن لم ينص عليها الحنابلة، إلا أنها لازم تعليلاتهم في الصور السابقة؛ لأنه إذا لم يمكن تحويل الفرض إلى نفل معين، لم يمكن تحويل النفل المطلق إلى فرض من باب أولى.
الصورة الرابعة: نقل نفل مطلق إلى مثله:
فهذه الصورة لم يذكرها الحنابلة؛ لأن الانتقال من نفل مطلق إلى مثله لا معنى فيه لتغيير النية، وقد لا يتصور حدوثه.
هذا هو تفصيل الأقوال في قلب نية الصلاة، في كل مذهب، وأوسعها مذهبًا الحنابلة، يليه الشافعية، وأضيقها مذهبًا الحنفية، يليه المالكية.
وإذا أحببنا أن نجمل لك وجوه الاتفاق والاختلاف بين الأقوال، في جميع الصورة السابقة في حكم مقارن، فهاك الإجمال:
الصورة الأولى: إذا أحرم بالفرض قبل وقته جاهلًا، فالأصح انعقاده نفلًا، وهو قول الأئمة الأربعة خلافًا لمحمد بن الحسن.
وهذه الصورة هي في حقيقتها انقلاب الفرض إلى نفل حكمًا، وليس قلبًا من
(١) الإقناع (١/ ١٠٧)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٧٧)، كشاف القناع (١/ ٣١٧)، مطالب أولي النهى (١/ ٤٠١)، حاشية الخلوتي (١/ ٢٧٨).