للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الثانية: نقل نفل إلى نفل، فإن فعل بطلا؛ لأنهما إن كانا مثلين، فلا معنى لتغيير النية، وإن كان مختلفين، كانتقال من راتب إلى وتر، فلا يحصل له واحد منهما؛ لأن افتتاحه بالنية واجب.

الثالثة: نقل نفل إلى فرض، فإن فعل بطلا؛ لبطلان النفل بتغيير النية، ولم يحصل له الفرض؛ لعدم النية من أوله، فلم يحصل له واحد منهما.

الرابع: نقل فرض إلى نفل مطلق، فهذا نوعان:

أحدهما: نَقْلُ حكم، كمن أحرم بالظهر قبل الزوال جاهلًا، فيقع نفلًا حكمًا في أظهر القولين عند الشافعية. وسيأتي إن شاء الله تعالى بحث هذه المسألة (١).

والثاني: نَقْلُ نية، بأن ينوي قلب الفرض إلى نفل عامدًا بلا سبب، فالأظهر البطلان، والصحيح المنصوص، أنه لا ينقلب نفلًا، فإن فعله لمسوغ: كمنفرد أحرم بفرض، ثم رأى جماعة، فسلم من ركعتين؛ ليدركها معهم، فالأظهر عند الشافعية صحتها نفلًا (٢).

وخلاصة مذهب الشافعية: أن قلب المصلي صلاته التي هو فيها إلى صلاة أخرى عالمًا عامدًا مبطل لصلاته، ولا تحصل له الصلاة الأخرى.

قال الشافعي في الأم: «ولو دخل الصلاة بنية، ثم صرف النية إلى صلاة غيرها نافلة، أو فريضة … لم تجز عنه الصلاة الأولى التي دخل فيها ينويها؛ لأنه صرف النية عنها إلى غيرها، ولا تجزيه الصلاة التي صرف إليها النية؛ لأنه لم يبتدئها» (٣).

ولم يفرق الإمام بين صلاة وأخرى، واستثنى الشافعية المعذور، كما لو أحرم بالفرض قبل الوقت، فإن فرضه ينقلب إلى نفل حكمًا، أو قلب منفرد فرضه لمسوغ صحيح، كمنفرد رأى جماعة فأراد الدخول معهم في الفرض، فقلب فرضه نفلًا؛


(١) هذه مسألة واحدة من مجموعة مسائل يرى الشافعية أن الفرض يفسد، ويختلفون في قلبها إلى نفل، منها:
لو وجد المسبوق الإمام راكعًا، فأتى ببعض تكبيرة الإحرام في الركوع، لا ينعقد الفرض، فإن كان عالمًا بالتحريم فالأظهر البطلان؛ لتلاعبه، وإلا فالأظهر انعقادها نفلًا.
ومنها لو وجد المصلي قاعدًا خفة في صلاته، فلم يقم، أو أحرم القادر على القيام بالفرض قاعدًا، لم ينعقد فرضه، وهل ينعقد نفلًا، فيه قولان، الأظهر البطلان؛ لأن ما نواه لم ينعقد، فكيف يحصل له غيره مما لم ينوه. انظر روضة الطالبين (١/ ٢٢٨)، فتح العزيز (٣/ ٢٦٤، ٢٦٥)، الوسيط (٢/ ٩٠)، أسنى المطالب (١/ ١٤٣).
(٢) الأم (١/ ١٢١)، روضة الطالبين (١/ ٢٢٨)، الحاوي الكبير (٢/ ٣٣٨)، المجموع (٤/ ٢١١)، الأشباه والنظائر للسيوطي (ص: ٣٩)، كفاية الأخيار (ص: ١٢١)، غاية البيان بشرح زبد ابن رسلان (ص: ١٠٣)، العباب المحيط (١/ ٣٢٣).
(٣) الأم (١/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>