وخالف الظاهرية، فقالوا إذا قطع نيته بطل حجه، وإذا أفسد حجه بارتكاب مفسد خرج منه، كسائر العبادات، ولا يجب المضي بفاسده، ولا يجب قضاؤه، فإن كان لم يحج من قبل كان عليه حجة الإسلام ابتداءً، لا قضاءً (١).
• دليل الجمهور على أن قطع النية لا أثر له في النسك:
مخالفة الحج غيره من العبادات دليل على أن رفض النية لا يخرج المحرم من إحرامه، من ذلك:
أن ارتكاب محظورات الإحرام لا تفسده، بخلاف الصلاة والصيام وغيرهما، فلو حلق رأسه، أو تطيب، أو ترك شيئًا من نسكه كما لو ترك الرمي أو المبيت بمنى لم يبطل حجه، وهذا يدل على تطلع الشارع إلى المضي فيه، وإتمامه، فإذا كان النسك لا ينتفي مع ما يفسده، لم يَنْتَفِ مع ما يضاده، بل ذهب الجمهور إلى أنه لو أفسده بالجماع قبل التحلل الأول لم يخرج منه، ويجب أن يمضي في فاسده، ويقضيه، وهو دليل على أنه لا يخرج منه بمجرد إبطال نيته.
ويصح الإحرام بالمبهم، كما لو أحرم بما أحرم به فلان.
ولو أحرم بنفل، ولم يكن حج قبل ذلك انقلب فرضًا عند الشافعية والحنابلة، مع أنه لم ينوه، فقام النفل في النسك مقام الفرض.
ويصح قلب النسك إلى نسك أفضل بعد التلبس بالإحرام، كما أمر الرسول ﷺ أصحابه ممن أحرم قارنًا ولم يَسُقْ الهَدْيَ أن يتحلل، ويقلبها عمرة، وجاز إدخال نسك على نسك آخر للعذر، كما أدخلت عائشة الحج على العمرة حين حاضت، وخشيت أن يفوتها الحج، ولا يتصور صحة مثل هذا في غير الحج، كل هذا مما يغاير به الحج غيره من العبادات، لهذا رأى الأئمة الأربعة أن