والصيام، لا يجوز أن يباشره صبي قولًا واحدًا، ولا يسقط الفرض، ولا يعتمد في مواقيت العبادات، وأما الأذان الذي يكون سنة مؤكدة في مثل المساجد التي في المصر، ونحو ذلك، فهذا فيه روايتان … » (١).
ففي الأذان تبعًا حكى الجواز بلا خلاف مستثنيًا بعض الأصحاب في كونهم يطلقون الخلاف، وإطلاق الخلاف ليس نصًّا في حكاية الخلاف، إذ يمكن حمل الكلام المطلق على المفصل، ثم رجع وحصر الخلاف في الأذان تبعًا، وجعل فيه عن الإمام روايتين نصًّا، وليس من باب إطلاق الخلاف المحتمل، فكلامه الأخير يرد كلامه السابق حسب فهمي، والله أعلم.
وابن تيمية جعل حكم الأذان على قسمين:
فرض كفاية: وهو الذي يسقط به الفرض عن القرية، ويعتمد عليه في الوقت والصيام، وهذا لا يؤذن به الصبي، ولا ينزل عليه خلاف الفقهاء في أذان الصبي.
وسنة مؤكدة: وهو الأذان الذي يكون في مساجد المصر، فإذا أذن الصبي في مثل هذه المساجد ففي أذانه روايتان.
والقائلون بأن الأذان فرض كفاية مختلفون: هل يسقط الفرض بالقيام بوظيفة الشعيرة، بحيث يكفي البلد أذان واحد مطلقًا، ولو لم يسمع في نواحي البلد؟
أو يسقط الفرض إذا كانوا في مكان يسمعون فيه الأذان، وأما نواحي البلد الذي لم يسمع فيها الأذان فلا يسقط الفرض عنهم؟
أويبقى الفرض على كل مسجد جماعة يدعى إليها المصلون، ولو سمعوا أذانًا من غيرهم؟
وسبق بحث هذه المسألة في حكم الأذان، والراجح فيه.
والذي أميل إليه: أن خلاف العلماء إنما هو في صحة أذان المميز إذا كان يعتمد على خبره في دخول الوقت، والإمساك والإفطار، وليس في أذانه إذا كان يعتمد على ثقة يخبره بدخول الوقت، أو كان يتبع في أذانه بالغًا، فإذا قلد الصبي ثقة كان بمنزلة الأعمى الذي لا علم له بالوقت، فإن أذانه صحيح إذا كان له ثقة يخبره بالوقت؛ لأن العلم بالوقت إذا صح أنه من شروط صحة الأذان فلا يعتبر فيه أن