للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إن الأثر هذا لا يثبت عن ابن عمر، أو يقال: إن كراهته للتثويب كان في الحضر حيث يؤذن للصلاة، وأما التثويب في السفر فإن أذن لها فيكره كالحضر، وإذا لم يؤذن لها كما كان يختار ابن عمر فيثوب للصلاة بأي لفظ يجعل الجماعة تجتمع لها، وعليه يحمل فعل ابن عمر ، والله أعلم.

ولو صح هذا التوجيه فإني لا أرى أن يقال هذا اللفظ بخصوصه بعد أن أصبح شعارًا لطائفة الرافضة.

ولعل الشيخ بكرًا قد أخذ ذلك من قول ابن تيمية في منهاج السنة:

قال ابن تيمية: «وغاية ما ينقل إن صح النقل، أن بعض الصحابة، كابن عمر ، كان يقول ذلك أحيانًا على سبيل التوكيد، كما كان بعضهم يقول بين النداءين: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وهذا يسمى نداء الأمراء، وبعضهم يسميه التثويب، ورخص فيه بعضهم، وكرهه أكثر العلماء، ورووا عن عمر وابنه وغيرهما كراهة ذلك.

ونحن نعلم بالاضطرار أن الأذان الذي كان يؤذنه بلال وابن أم مكتوم في مسجد رسول الله بالمدينة، وأبو محذورة بمكة، وسعد القرظ في قباء لم يكن فيه هذا الشعار الرافضي، ولو كان فيه لنقله المسلمون ولم يهملوه، كما نقلوا ما هو أيسر منه. فلما لم يكن في الذين نقلوا الأذان من ذَكَرَ هذه الزيادة، علم أنها بدعة باطلة.

وهؤلاء الأربعة كانوا يؤذنون بأمر النبي ، ومنه تعلموا الأذان، وكانوا يؤذنون في أفضل المساجد: مسجد مكة، ومسجد المدينة، ومسجد قباء، وأذانهم متواتر عند العامة والخاصة .... ولا شيء أشهر في شعائر الإسلام من الأذان، فنقله أعظم من نقل سائر شعائر الإسلام» (١). اه

ولهذا ذهب الأئمة الأربعة إلى كراهة أن يقال في الأذان: حي على خير العمل (٢).


(١) منهاج السنة (٦/ ٢٩٤).
(٢) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٣٠٣)، الشرح الكبير للدردير (١/ ١٩٣)، البيان والتحصيل (١/ ٤٣٦)، الاعتصام (٢/ ٥٥٧)، المجموع (٣/ ١٠٦)، روضة الطالبين =

<<  <  ج: ص:  >  >>