على حساب ستر الفخذ، وقد تكلم الفقهاء بإجماع أنه لو كان معه ثوب لا يكفي إلا عورته، ستر عورته، وكشف منكبيه، ولأن الصحابة كانوا يعقدون هذا الإزار على أعناقهم، وليس على مناكبهم، فكان الغاية من عقده حتى لا يسقط، فلم يَأْتِ ذكر للمنكب في الحديث البتة، ولا يلزم من عقد الإزار على العنق أن يكون قد ستر المنكب، خاصة مع ضيق الإزار، والله أعلم.
وعلى التنزل أن يكون ستره من الزينة، وأن ستره واجب فإنه لا يزاحم ستر العورة، ولذلك أنكر النبي ﷺ اشتمال جابر بإزار ضيق، وقال له: إن كان ضيقًا فاتزر به، والحديث في البخاري.
كما أن القول بأن الحديث دليل على أن ستر العورة من الأسفل ليس واجبًا أيضًا لا يتجه؛ لأن موقع النساء لم يكن أسفل من الرجال، بل كُنَّ خلفهم، وإنما بُدُوُّ عورات الرجال جاء من تقلص الإزار بسبب رفعه إلى المنكب وعقده على العنق مع ضيقه، كل هذا دليل على أن كشف العورة في الصلاة لا يبطلها، والله أعلم.
• ورد هذا الجواب باعتراضين:
الاعتراض الأول:
أن الأمر للنساء لم يكن مرفوعًا، وإنما نصه:(ويقال للنساء: لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال جلوسًا). والحجة إنما هو في المرفوع.
• ورد هذا الاعتراض:
بأن عدم التصريح برفعه لا يضر، فإن له حكم الرفع، لأنه من فعل الصحابة خلف النبي ﷺ، وهذا يعني علمه به ﷺ، ولأنه لا يتصور أن يأمر بعض الصحابة النساء بتأخير المتابعة للإمام حتى يرفع الرجال دون أن يكون هذا بتوقيف من رسول ﷺ، صاحب الأمر والنهي، خاصة أن هذا الأمر يتعلق بأعظم العبادات، وهي الصلاة. ولهذا قال ابن رجب في شرح البخاري:«حديث سهل من فعل الصحابة خلف النبي ﷺ، وهو شبيه بالمرفوع»(١).