مشروعية الأذان الأول، أو أن الأذان الأول كان مختصًّا في رمضان، والله أعلم، وعلى هذا الاحتمال لا يمكن الجزم بأن بلالًا أمر بالتثويب عندما كان يؤذن الأذان الأول، والله أعلم.
الدليل السادس:
لم يرد في شيء من الروايات التصريح بأن هذا القول:(الصلاة خير من النوم) كان في الأذان الثاني للصبح، بل الأحاديث على قسمين: منها ما هو صريح بأنه في الأذان الأول، كحديث ابن عمر وحديث أبي محذورة، ومنها ما هو مطلق ليس فيه التقييد بالأول أو الثاني، فتحمل هذه الأحاديث المطلقة على الأحاديث المقيدة، والله أعلم.
• ويجاب من وجوه:
الوجه الأول:
لا نسلم أنه لا يوجد تصريح بأن التثويب لا يقال في أذان الصبح، فقد جاءت آثار صحيحة أنه يثوب لصلاة الغداة كما في أثر أنس، ولصلاة الفجر كما في مرسل سعيد بن المسيب، وإذا كان التثويب لأذان الصبح صح أنه الأذان الثاني؛ لأن الأذان الأول لا يصدق عليه أن التثويب لصلاة الصبح، وإنما يؤذن بليل، وليس المقصود منه الدعاء لصلاة الصبح، ولهذا جاء في حديث عائشة وابن عمر في الصحيح:(إن بلالًا يؤذن بليل)، وفي حديث ابن مسعود في البخاري:(ليرجع قائمكم، ولينبه نائمكم).
بل إن الأحاديث التي وصفت الأذان بالأول جاء فيها:(وإذا أذنت بالأول من الصبح) ومعلوم أن الأذان الأول الذي في آخر الليل ليس لصلاة الصبح، وإنما أذان الصبح لا يصح على القول الصحيح إلا بعد دخول الوقت، كما قال ﷺ:(إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم).
الوجه الثاني:
أن هذه الأحاديث التي ورد فيها وصف الأذان بالأول لا يمكن أن يقيد بها الأحاديث الصحيحة؛ لأنها أحاديث إما شاذة أو منكرة، والشاذ والمنكر لا يعتبر بهما، فضلًا أن يقيد بهما الأحاديث الصحيحة، وقد تبين للقارئ الكريم وجه