لا نسلم أن الإنصات كان واجبًا على الداخل لصلاة الجمعة قبل صلاته تحية المسجد، فالأمر بوجوب الإنصات للخطبة عام، خص منه الداخل حتى يصلي تحية المسجد، وإذا خص من الوجوب لم يَبْقَ واجبًا.
بيان ذلك أَنْ نسأل: متى يجب على المصلي سماع الخطبة؟ أيجب بمجرد الاستماع، ولو كان خارج المسجد، أم يجب الاستماع بمجرد دخوله المسجد قبل أن يجلس، أم لا يجب الاستماع حتى يصلي تحية المسجد؟
فحديث جابر في قصة سليك الغطفاني يبين أنه لا يجب الاستماع حتى يصلي تحية المسجد، وبالتالي لا يصح القول بأنه انشغل بالنافلة عن واجب؛ لأن ذلك مقيد بما إذا شُرِعا في محل واحد، ونظير هذا الرجل يدرك الإمام قائمًا في الصلاة، ويغلب على ظنه أن القيام الباقي قد لا يسع إلا مقدار الفاتحة، ومع ذلك له أن يستفتح قبل الفاتحة، والاشتغال بالاستفتاح اشتغال بسنة عن ركن أو واجب، ولا تثريب عليه إذا فاتت الفاتحة في أحد قولي أهل العلم؛ لأن هذا هو الترتيب المأمور به في الصلاة، مع أنه لو ترك الاستفتاح متعمدًا لم تبطل صلاته في أصح قولي أهل العلم، والله أعلم.
• دليل من قال: يصح التنفل مطلقًا للمعذور وغيره:
استدلوا بأدلة من قال: إذا كان معذورًا له أن يتنفل؛ ويرون أن وصف العذر ليس له أثر في صحة النافلة، وإنما أثره في رفع الإثم في ترك الفريضة حتى فاتت، فالجهة منفكة.
• دليل من قال: النافلة تصح مع الإثم:
إذا تنفل قبل الفريضة أُجِرَ من حيث كون الفعل قربة، وأثم من حيث إنه تأخير للفائتة؛ لأننا إذا صححنا النافلة مع الإثم فالصحة لا تعني إلا الثواب عليها.
• دليل من قال: النافلة باطلة:
قياس التنفل قبل الفائتة على النافلة إذا أقيمت الصلاة، والنافلة في أوقات النهي.