للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التشهد الأخير فإنها تصح فرضًا، وإلا بطلت، إلا أنهما اختلفا فقال أبو يوسف: يتمها نفلًا، وقال محمد بن الحسن: يقطعها (١).

والنزاع بين أبي حنيفة وصاحبيه مبني على أصلٍ متنازعٍ عليه عندهم: وهو أن الخروج من الصلاة بصنع المصلي فرض عند أبي حنيفة، وعند صاحبيه ليس بفرض، فإذا حصل مفسد للصلاة بعد أن قعد قدر التشهد الأخير فسدت صلاته عند أبي حنيفة خلافًا لصاحبيه (٢).

وقيل: تفسد الفريضة فسادًا باتًّا، ويتمها نافلةً إن كان في الوقت متسع، وهو المشهور من مذهب الحنابلة (٣).

واستثنى بعض المالكية إذا تذكر صلاة بقي وقتها، كما لو تذكر الظهر في صلاة العصر، فإنه يقطع ما هو فيه، كان على شفع منها أو على وتر؛ لأن الصلاة التي هو فيها مع الإمام نافلة له، والمبادرة إلى فعل الفريضة في وقتها أولى من اشتغاله بالنافلة.

وقيل: تفسد الفريضة، ولا تنقلب نفلًا، اختاره بعض المالكية، وبه قال


(١) وسبب الخلاف أن الصلاة تضمنت نيتين: نية الصلاة، ونية الفرضية، و بطلان الوصف (الفرضية) لا يقضي ببطلان الأصل وهو (نية الصلاة). وحجة محمد بن الحسن على بطلانها نفلًا، أن نية النفل لم تكن معقودة أصلًا، فلا تصح نفلًا. انظر: البحر الرائق (١/ ٣٩٨)، حاشية ابن عابدين (٢/ ٧٠).
(٢) جمهور العلماء على أن التسليم من الصلاة ركْنٌ من أركان الصلاة، ولا يخرج المصلي من صلاته إلا به، وهذا مذهب مالك، والشافعي، وأحمد.
وأما الحنفية فاتفقوا على أن ما كان من أفعال المصلي يفسد الصلاة إذا وجد في أثنائها، لا يفسدها إن وجد، وقد عقد مقدار التشهد، كالكلام، والحدث العمد، والقهقهة، ونحو ذلك.
وأما ما ليس من فعل المصلي، بل هو معنى سماوي، لكنه لو اعترض في أثناء الصلاة يفسد الصلاة، كصاحب الترتيب إذا تذكر فائتة، وكالمتيمم يجد ماءً، والماسح على الخفين إذا انقضى وقت مسحه، والعاري يجد ثوبًا، ونحو هذه المسائل، فإذا وجد في هذه الحالة هل يفسدها؟ قال أبو حنيفة: يفسدها. انظر: بدائع الصنائع (١/ ٥٨)، المبسوط للسرخسي (١/ ١٢٥).
(٣) الإقناع (١/ ٨٦)، شرح منتهى الإرادات (١/ ١٤٧)، الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ١٩٦)، الشرح الكبير على المقنع (١/ ٤٥١)، المبدع (١/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>