للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مثل هذا ونحوه مما سوغه الله تعالى، كما يفعله بعض أهل المشرق، فهؤلاء من الذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعًا، وكذلك ما يقوله بعض الأئمة -ولا أحب تسميته- من كراهة بعضهم للترجيع، وظنهم أن أبا محذورة غلط في نقله، وأنه كرره ليحفظه، ومن كراهة من خالفهم لشفع الإقامة، مع أنهم يختارون أذان أبي محذورة.

هؤلاء يختارون إقامته، ويكرهون أذانه، وهؤلاء يختارون أذانه، ويكرهون إقامته. فكلاهما قولان متقابلان. والوسط أنه لا يكره لا هذا، ولا هذا ..... ومن تمام السنة في مثل هذا: أن يفعل هذا تارة، وهذا تارة، وهذا في مكان، وهذا في مكان؛ لأن هجر ما وردت به السنة، وملازمة غيره، قد يفضي إلى أن يجعل السنة بدعة، والمستحب واجبًا، ويفضي ذلك إلى التفرق، والاختلاف إذا فعل آخرون الوجه الآخر» (١).

• الراجح:

الترجيع ثابت في أذان أبي محذورة، وليس بواجب؛ لأنه لم يرد في أذان بلال، وما ثبت في السنة على وجوه متعددة كان الأفضل فعل هذا مرة، وهذا مرة، نشرًا للسنة، وإذا كان البلد لا يعرف إلا صفة واحدة، فمن أحب أن يختار صفة لا يعرفها الناس فَلْيُقدِّم بين يدي ذلك ما يرفع الاستغراب من عامتهم؛ ليعلموا أن ذلك سنة أيضًا، وإذا لم يكن موضعَ ثقة العوام فلا يُقْدِمْ على ذلك، بل ينتظر حتى يصدر هذا القول من شخص يكون محل ثقتهم، فتتحقق المصلحة، وتنتفي المفسدة، والله أعلم.


(١) الفتاوى الكبرى (٢/ ٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>