للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقال ابن قدامة: «متى أفطر بشيء من ذلك فعليه القضاء؛ لا نعلم في ذلك خلافًا؛ لأن الصوم كان ثابتًا في الذمة، فلا تبرأ منه إلا بأدائه، ولم يُؤَدِّهِ، فبقي على ما كان عليه» (١).

• ونوقش هذا:

قال ابن رشد في بداية المجتهد: «من أفطر متعمدًا فليس في إيجاب القضاء عليه نص، فيلحق في قضاء المتعمد الخلاف الذي لحق في قضاء تارك الصلاة عمدًا حتى خرج وقتها، إلا أن الخلاف في هاتين المسألتين شاذ» (٢).

وبعضهم رد صحة القياس من وجه آخر:

أن من شرع في الصيام، ثم أفطر وجب عليه القضاء بخلاف من ترك الصيام ابتداءً، ولم يشرع فيه فلا يجب عليه قضاؤه.

وجه القول بالتفريق: أنه لما شرع فيه التزم به، ودخل فيه على أنه فرض، فيلزمه قضاؤه كالنذر، أما لو ترك الصوم من الأصل متعمدًا بلا عذر فالراجح أنه لا يلزمه القضاء؛ لأنه لا يستفيد به شيئًا؛ إذ إنه لن يُقْبَلَ منه.

وهذا التفريق أيضًا لا وجه له، وكيف يكون التزام العبد أقوى من إلزام الشرع؟ فإذا كان إلزام الشرع لا يوجب القضاء عندكم، كيف يكون التزام العبد يوجب القضاء مع تعمده الإفساد؟

لِمَ لا يكون اعتقاده وجوب الصلاة كافيًا في إلزامه بالقضاء، وكأنه لا يرى وجوب الصلاة حتى يشرع فيها، وهو لو صرح أنه لا يرى وجوب الصلاة كفر، ولو صلى، ويمكن اعتبار هذا القول قولًا جديدًا، وهو أن من ترك الصلاة بعد الشروع فيها يصح منه القضاء، وتقبل منه، حتى لو أخرجها عن وقتها، ويكون القضاء كفارةً لفعله، كما قالوا: إن من ترك الصلاة حتى خرج وقتها، إن كان ما بعدها يجمع إلى ما قبلها يصح منه القضاء، للخروج من إلزام حديث أبي ذر في تأخيرِ الأمراءِ الصلاة عن وقتها، وقد صحح هذا الحديث صلاتهم بعد خروج الوقت، وهو حديث مطلق


(١) المغني (٣/ ١٣٠).
(٢) بداية المجتهد (٢/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>