للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجه الاستدلال:

أن النبي تزوج ميمونة في عمرة القضاء في مكة، وكان يقصر حتى رجع إلى المدينة.

ونوقش هذا:

اختلفا الروايات في زواج ميمونة، والأصح أن النبي تزوجها، وهو حلال، وليس هذا موضع بحثها، وقد دخل بها بسرف، موضع يقع بين التنعيم ووادي فاطمة شمال غرب مكة، على بعد ١٢ كم منها، فليس فيه دليل على مسألتنا.

ورد هذا:

كون النبي عقد عليها وهو حلال، لا يغير من الحكم شيئًا، فقد عقد عليها وقت فراغه من عمرة القضاء سنة سبع في ذي القعدة، وهو في مكة، وبنى بها بسرف (١).

وإذا كان الرجل يكون زوجًا بالعقد فلم يمنع ذلك النبي من القصر.

ويجاب:

بأن المالكية يشترطون أن يكون قد دخل بها، ولا يكفي مجرد العقد؛ لأن الترفه بالأهل لا يكون بالعقد حتى يدخل بها، وقد دخل بها في طريق عودته بسرف، وقد فارقت مكة مسافرة إلى المدينة.

ويرد على هذا الجواب:

بأن هذا الشرط وإن كان شرطًا للمالكية فقط، فهو يدل على ضعف منزع القول؛ لأن مناط الحكم إما أن يكون وجود الزوجة، وإما أن يكون محل إقامتها.

فإن كان المانع من القصر محل إقامتها، فلماذا يشترط دخوله بها، وعلة القصر مفارقة الوطن عزبًا كان أو متزوجًا، ووطنها ليس وطنًا له، ولا محلًّا لإقامته، وليس الزوج في حكم التابع لزوجته حتى يعطى حكمها بمجرد دخوله محل إقامتها، بل العكس هو الصحيح.

وإن كان المانع من القصر هو الترفه بوجود الزوجة؛ ولهذا اشترطنا دخولها بها، فلو صحبته في سفره لم يمنعه ذلك من القصر فكذلك اجتماعه بها في محل


(١) انظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ٤٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>