للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وعلل المالكية والشافعية المنع: بأنه لما خرج لا يدري، أهو في سفر طويل أم قصير (١).

قال خليل: «فسره ابن راشد وشيخنا بالذي لا يعزم على مسافة معلومة. قال شيخنا: كالفقراء المجردين، فإنهم يخرجون على غير موضع معلوم، وحيث طابت لهم بلدة أقاموا بها» (٢).

وقال إمام الحرمين: «ولو أنه خرج لردِّ عبد آبق، أو طلب غريم، وكان لا يدري أنه يُدرك على القرب أو على البعد خصمَه، فحكمه حكم الهائم في بعض السفر؛ لأنه ليس له مقصد معيّن، ولا نحكم عليه بأنه في سفر طويل أو قصير، والقصرُ الذي نحن فيه مختص بالسفر الطويل» (٣).

وقيل: الهائم إذا بلغ مسافة قصر يقصر، وهو وجه عند الحنابلة في مقابل الأصح (٤).

جاء في المبدع: «لا بد من الجزم ببلوغ المسافة، فلو علم صاحبه في بلد بعيد، ونوى إن وجده قبله لم يقصر، وقيل: إن بلغ مسافة قصر قصر، وكذا سائح وتائه» (٥).

وجه القول بأن له الترخص:

الكتاب العزيز لم يشترط إلا الضرب في الأرض، والهائم يضرب في الأرض،

ولأنه لا يشترط في الترخص أن يكون السفر قربة، ولا أن يربط خروجه لغرض، فالسير على وجهه في الأرض من السياحة المباحة، ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ [الأنعام: ١١].

فإن كان منع الهائم على وجهه من القصر معللًا بأن الهائم لا يدري أسفره طويل أم قصير، كما ذكر المالكية والشافعية، فهذا يمكن أن يمنع من القصر حتى يتحقق أنه قطع من المسافة ما يصير به مسافرًا؛ ثمانية وأربعين ميلًا فأكثر على مذهب الجمهور، ومسيرة ثلاثة أيام على مذهب الحنفية، فقبل أن يقطع مسافة يباح


(١) نهاية المطلب (٢/ ٤٢٨)، فتح العزيز (٤/ ٤٣٢).
(٢) التوضيح (٢/ ٢٢).
(٣) نهاية المطلب (٢/ ٤٢٨).
(٤) الإنصاف (٢/ ٣٢٠)، المبدع (٢/ ١١٧).
(٥) المبدع (٢/ ١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>