للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم دخلت سنة ثمان وستين وستمائة، فيها: رجع السلطان إلى الديار المصرية بعد أن زار القدس والخليل ثانيًا.

وفي سنة تسع وستين: أرسل صاحب طرابلس للسلطان هدايا جليلة وأظهر الطاعة للسلطان.

وفي سنة سبعين وستمائة: بلغ السلطان حركة التتار، وأنهم واصلون، فخرج إليهم السلطان بنفسه، ثم أقام بدمشق إلى أن دخلت سنة إحدى وسبعين. ففيها: بلغه أن التتار وصلوا إلى البيرة (١)، فتوجه من الشام إلى الفرات، وكان معه من الأمراء، الأمير قلاوون الألفي، والأمير بيسري، وجماعة من الأمراء؛ فكسبوا التتار على حين غفلة، فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، وأسروا الذي بقى.

ثم دخل السلطان إلى البيرة، وأخلع على من بها من الأعيان، وفرّق على الرعية جملة من المال، ورجع إلى الديار المصرية، وهو في غاية النصر.

ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين وستمائة، فيها: هجم الوباء بالديار المصرية، ومات فيه خلق كثير من النساء والأطفال والجوار والعبيد (٢).

وفي هذه السنة: توفى الشيخ عبد العظيم أبي الحسين بن الجزار الشاعر، وكان من فحول الشعراء، وله شعر جيد، وكان مولده في سنة إحدى وستمائة، ووفاته في سنة اثنتين وسبعين وستمائة (٣)، فكانت مدة حياته إحدى وسبعون سنة، وعاصر الشيخ أثير الدين أبو حيان المغربي، والشيخ قطب الدين القسطلاني، وغيرهم من العلماء والفضلاء، ومن شعره الرقيق لنفسه وهو قوله في المعاشرة للناس، هذه الأبيات:

مَنْ مُنْصِفي من معشرٍ … كَثُروا عَليَّ وَأَكثَرُوا

صادقتهُمْ وَأرى الخرُو … جَ مِنَ الصَّدَاقَةِ يَعسُرُ


(١) بين بيت المقدس ونابلس، خربها الملك الناصر حين استنقذها من الإفرنج. (معجم البلدان ١/ ٥٢٦).
(٢) ورد الخبر في بدائع الزهور ١/ ١/ ٣٣٣: في أحداث سنة ٦٧١ هـ؛ وفي جواهر السلوك ١٢٢: أحداث سنة ٦٧٢ هـ.
(٣) وفاته في فوات الوفيات ٤/ ٢٧٧ وذيل مرآة الزمان ٤/ ٦١ والبداية والنهاية ١٧/ ٥٦٩: ت: في شوال ٦٧٩ ه

<<  <   >  >>