للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَمْ مِنْ طَالِبٍ يَسْعَى لشئ … وَفِيهِ هَلَاكُهُ لَوْ كَانَ يَدْرِي (١)

ثم إن السلطان أرسل بالإفراج عن الأتابكي تمراز، والأمير تاني بك قرا، فحضرا إلى القاهرة في أوائل جمادى الآخر، فكان يوم دخولهما يوما شهودا، فلما طلعوا إلى القلعة أخلع على الأتابكي تمراز خلعة، واستقر أتابك العساكر على عادته؛ وأخلع على الأمير تاني بك قرا واستقر أمير مجلس عوضًا عن أزبك اليوسفي؛ واستقر الأمير قانصوه خال السلطان الملك الناصر شاد الشربخاناة الشريفة أمير أربعين، واستمرت الأحوال مُضطربة، وكثر القال والقيل بين الناس، بسبب الأمراء المختفين.

ثم إن السلطان رسم للأتابكي تمراز والأمير تاني بك قرا بأن يطلعوا إلى القلعة، ويقيموا في الجامع الذي هو داخل الحوش السلطاني، فطلعوا وأقاموا في الجامع، وسبب ذلك قد أشيع إن المماليك عزموا على أن يكبسوا على الأمراء في بيوتهم ويقتلوهم، فرسم لهم السلطان بأن يقيموا في الجامع الذي في الحوش.

فلما كان يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادى الآخر ظهر الأشرف قانصوه خمسمائة، وقد تعافى من ذلك الجرح الذي حصل له، فركب، وركب معه خشداشينه، وهُم قانصوه الألفي أمير أخور، والأمير ماماي، والأمير كسباي، والأمير يشبك قمر، وغيرهم (٢) جماعة كثيرة من الأمراء الطبلخانات والعشراوات، فلبسوا آلة الحرب، وتوجهوا إلى نحو الميدان الكبير الذي في الناصرية، فأقاموا هناك ساعة، ثم توجهوا إلى بيت الأتابكي أزبك الذي في الأزبكية، فدخل الأشرف قانصوه، وأقام هناك ذلك اليوم فاجتمع عنده بعض عسكر.

فلما كان يوم الأربعاء نزلوا إليه المماليك الأجلاب الناصرية وهم مشاه، فلما سمع الأشرف قانصوه بذلك هرب من الأزبكية، هو [و] (٣) من كان عنده من الأمراء والعسكر، وخرجوا على وجوههم، وقصدوا نحو خانقاة سرياقوس، وهذه ثالث كسرة وقعت للأشرف قانصوه خمسمائة بالديار المصرية، فكان كما قيل:


(١) بحر الوافر؛ والبيت لابن هرمة. (فصل المقال في شرح كتاب الأمثال ٣٢٩).
(٢) في الأصل "وغيرهو لأي".
(٣) ليست في الأصل.

<<  <   >  >>