للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فشرق غالب البلاد، وكان ذلك في سنة خمس وتسعين وثمانمائة، ثم في أواخر سنة ثمان وتسعين انحط سعر القمح، حتى اتباع كل أردبين من القمح الطيب بأشرفي، وكل بطة دقيق بأربعة أنصاف، واستقام الحال (١).

وفي سنة ثمان وتسعين سافر المقر السيفي قانصوه خمسمائة إلى الحجاز الشريف، وكانت تلك السنة مشقة على الحجاج من الغلاء، وموت الجمال وغير ذلك، فرجع الأمير قانصوه من الحجاز، والناس غير راضية منه، ولا أثنى عليه أحد من الحجاج خير في هذه السفرة وحظوظ الناس تختلف (٢).

ثم دخلت سنة تسعمائة، فمن الحوادث فيها أن في يوم الخميس مستهل ذي الحجة فيه وقعت الفتنة بين الأمير قانصوه خمسمائة أمير أخور، وبين الأمير أقبردي الدوادار، فوثب الأمير قانصوه خمسمائة على الأمير أقبردي، فلما ركب الأمير قانصوه خمسمائة توجه إلى بيت الأتابكي أزبك أمير كبير في الأزبكية، وركب معه الأمير قانصوه الألفي، والأمير قانصوه الشامي، والأمير يشبك الجمالي، وجماعة كثيرة من الأمراء الأربعين [١/ ٢٣٧] (٣) والعشراوات، وجماعة كثيرة من الخاصكية، والمماليك السلطانية، فلبسوا آلة الحرب، واجتمعوا في الأزبكية عند أمير كبير.

فلما بلغ السلطان ذلك فخشى أن يتسع الأمر وتكبر الفتنة، فنزل إلى باب السلسلة، وعلق الصنجق السلطاني، ودقت الكوسات حربي، وجلس بالمقعد المطل على سوق الخيل، ونادى كل من كان طائعًا يطلع إلى الرملة، ويقف تحت الصنجق السلطاني، فاجتمع بالرملة من العسكر ما لا يحصى عددهم، وطلع عند السلطان من الأمراء، الأمير تمراز الشمسي أمير سلاح، والأمير تاني بك الجمالي أمير مجلس، والأمير أزبك اليوسفي رأس نوبة النوب، والأمير أقبردي الدوادار، والأمير تاني بك قرا حاجب الحجاب، وبقية الأمراء المقدمين والطبلخانات والعشراوات والخاصكية.

فلما سمع من كان في الأزبكية من العسكر بهذا تسحبوا من الأزبكية، وطلعوا إلى الرملة، ووقفوا تحت الصنجق السلطاني.


(١) خبر الغلاء لم يرد في بدائع الزهور.
(٢) ورد الخبر في بدائع الزهور ٣/ ٢٩٦: بدون ذكر حدوث مشقة للناس.
(٣) جاءت حاشية بخط المؤلف على هامش الصفحة: "ومن الحوادث أن في أواخر سنة ست وتسعين وثمانمائة أو فى النيل المبارك ليلة عيد الفطر، فأخر السلطان كسر السد إلى ثاني يوم العيد فكسر السد، وكان له يوم مشهود. انتهى ذلك".

<<  <   >  >>