للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أموالهم مُعجلًا؛ وأخذ مِنَ الترك الأهلية الثلث من المال؛ وأحدث من أبواب المظالم من هذا النمط أشياء كثيرة، فبلغ جُملة ما جمع من الأموال في هذه الحركة ستمائة ألف دينار.

فلما كان أواخر شهر شعبان سنة ثمان وخمسين وستمائة نزل السلطان الملك المظفر قطز من قلعة الجبل في موكب عظيم والأمراء والعسكر قدامه، فلما كان يوم خروجه أمر بتوسيط (١) قصاد هلاكوا فوسطوا في ذلك اليوم (٢).

ثم إن السلطان رحل من الريدانية (٣) ونزل بمنزلة الصالحية (٤) إلى أن تكامل العسكر، ثم رحل وجد في السير إلى أن وصل إلى عين جالوت (٥) من أرض كنعان؛ فتلاقت هناك العسكران، واقتتل الجيشان، وذلك يوم الجمعة في الخامس والعشرين من شهر رمضان من السنة المذكورة، وكانت الكسرة على التتار فكسروهم، وشحنوهم إلى بَيْسَانِ (٦) فاقتتلوا هناك وقعة ثانية أعظم من الأولى، وقتل من التتار جماعة كثيرة وكذلك من المسلمين، فعند ذلك ولوا التتار مدبرين، وكانت الكسرة عليهم أجمعين.

ثم بعد ذلك توجه السلطان نحو الشام فدخلها، ونظر في أحوالها ومصالحها، ثم أخلع على الأمير علم الدين سنجر الحلبي واستقر به نائب الشام، وبالأمير علائي الدين ابن صاحب الموصل نائب حلب، واستخلص غالب بلاد الشمال من أيدى مُلُوك أولاد بني أيوب، وكانت جميعها في أيديهم.


(١) توسيط: إحدى طرق تنفيذ عقوبات الإعدام في العصر المملوكي، وما بعده تتم بعد تعرية الشخص المحكوم من الثياب وشده إلى خشبة مطروحة على الأرض، يضرب بعدها بالسيف تحت سرته بقوة فينقسم جسمه إلى نصفين. (معجم المصطلحات والألقاب التاريخية، ١١٢).
(٢) الخبر مفصل في السلوك ١/ ٢/ ٤٢٩.
(٣) اسم يطلق على بستان كبير أنشأه ريدان الصقلبي، خارج باب الفتوح بالحسينية. (انظر: الخطط المقريزية، ٣/ ٢٤٧).
(٤) هذه البلدة اختطها الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب بن شادي، بأرض المسانح والعلاقمة في أوّل الرمل الذي بين مصر والشام، وأنشأ بها قصورا وجامعا وسوقا لتكون منزلة العساكر إذا خرجوا من الرمل، وذلك في سنة أربع وأربعين وستمائة؛ وهي اليوم إحدى قرى مركز فاقوس بالشرقية (الخطط المقريزية، ١/ ٣٤١؛ القاموس الجغرافي، محمد رمزي، ١١٣ - ١/ ٢/ ١١٢).
(٥) هو نبع مياه في فلسطين ويتواجد في منطقة مرج ابن عامر بالقرب من القريتين المهجرتين نورس وقومية.
(٦) هي من أقدم مدن فلسطين، على بعد ٨٣ كم شمال شرق القدس.

<<  <   >  >>