للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ودقت له البشائر، وفرح به الناس؛ لكونه رجلًا عاقلا عارفًا بأمور المملكة، وكان كفوا للسلطنة، واشتمل على جُملة محاسن من أنواع الفروسية، وغيرها من كل فن لائق به، ولكن لم يساعده الدهر، وسطى عليه بالقهر، فزال عنه الملك سريعًا، وتجرع مرارة عزله جُروُعًا، فكان كما قيل:

إنى تأملتُ الزمان وفعله … في خفض ذي شرف ورفع الأرذل

كطبائع الميزان في أفعاله … تضع الرواجح والنواقص تعتلى (١)

فلما تم أمره في السلطنة عمل الموكب، وأخلع على من يُذكر من الأمراء، وهم: المقر السيفي قايتباي المحمودي استقر به أتابك العساكر عُوضًا عن نفسه؛ وأخلع على المقر السيفي جاني بك قلقسز واستقر به امير سلاح عوضا عن قنبك المحمودي المؤيدي؛ وأخلع على المقر السيفي خير بك الخشقدمي واستقر به دوادار كبير عوضا عن يشبك الفقيه؛ وأخلع على المقر السيفي خشكلدي البيسقي واستقر به رأس نوبة النوب عُوضًا عن قايتباي المحمودي؛ وأخلع على المقر السيفي تمر واستقر به حاجب الحجاب؛ وأخلع على الأمير كسباي الخشقدمي واستقر به دوادار ثاني عُوضًا عن خير بك؛ واستقر بالمقر الشهابي أحمد بن العيني أمير مجلس على عادته، وبُردبك هجين أمير أخور كبير على عادته.

ثم رسم بالإفراج عن الأمير قُرقماس الجلب فحضر من ثغر الإسكندرية، فأقام بالقاهرة أيامًا يَسيرة، ثم رسم بالإفراج عن الأمير تمراز الشمسي من دمياط، وكان مُقيمًا بهَا مِنْ أيام الظاهر خُشقدم من حين ركبوا عليه مع الأتابكي جرباش كرت؛ وأفرج عن الأمير دولا تباي النجمي وكانَ مُقيمًا بدمياط أيضًا من أيام الظاهر خشقدم.

ثم إن الملك الظاهر تمربعًا مشى مع العسكر في أيام دولته أحسن مشي؛ ثم قبض على الشرفي يحيى ابن الأمير يشبك الفقيه الدوادار وَصَادَرَهُ بسبب متوفر والده.

فلما كانت ليلة الاثنين سادس رجب طَلعَ المقر السيفي خير بك الدوادار إلى القلعة كعادته في ليالي المواكب، فلما دخل إلى القصر وَأَقَامَ بهِ إلى بعد المغرب، فجمع خشداشينه من المماليك الخُشقدميّة، ودخلوا إلى القصر بعد


(١) بحر الكامل.

<<  <   >  >>