للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما الملك الظاهر يلباي فأقام في السجن بثغر الإسكندرية إلى أن مات في أثناء دولية الملك الأشرف قايتباي، في شهر صفر (١) سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة، ودفن هناك وقد ناف في العمر نحو خمسة وسبعين سنة.

ثم مات الأمير قنبك المحمودي أمير سلاح بثغر الإسكندرية أيضا في أثناء دولة الأشرف قايتباي.

وأما الأمير يشبك الفقيه فكان بدمياط، فلما تسلطن الملك الأشرف قايتباي رسم بإحضاره إلى القاهرة، فحضر في أثناء دولة قايتباي، واستمر مقيما بالقاهرة، وهو بطال إلى أن مات بالقاهرة.

وكذلك الأمير جاني بك كوهيه حضر إلى القاهرة أيضا، وأقام بها إلى أن مات.

وكذلك الأمير طوخ الرزدكاش كان بدمياط، وحضر إلى مصر، وأقام بها إلى أن مات وأما الأمير مغلباي طاز فما أعلم في أي مكان مات.

فكانت مدة دولة الملك الظاهر يلباي بالديار المصرية شهرين إلا أربعة أيام، كما قال القائل:

ركب الأهوال في زورته … ثم ما سلم حتى ودعا (٢)

و به زالت دولة المؤيدية كأنها لم تكن، فسبحان القادر على كل شيء، وكان غالب الأمراء المؤيدية مقدمين ألوف وأرباب وظائف، واستمروا في كل دولة معزوزين مكرمين إلى أخر ما جرى لهم في دولة الظاهر يلباي، كما تقدم.

وكان الملك الظاهر يلباي في أيام سلطنته في يد خير بك الدوادار مثل اللولب يدوره كيف شاء، وكان خير بك قصده يمهد لنفسه، ما تم له ما أراد، وخانه الدهر في المراد، فكان الظاهر يلباي ليس له في السلطنة إلا مجرد الاسم فقط، والأمر كله للأمير خير بك، حتى أن العوام سمت الظاهر يلباي "إيش كنت أنا؟ قل له (٣) " يعني عن خير بك.


(١) في بدائع الزهور ٣/ ٢١: "ربيع الأول" وكذلك في النجوم الزاهرة ١٦/ ٣٧١.
(٢) بحر الرمل؛ البيت لعلي بن جبلة. (انظر: الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة ٦/ ٨٢٤).
(٣) في الأصل "قله"، والتعديل من مورد اللطافة ٢/ ١٧٨ وبدائع الزهور ٢/ ٤٦٧.

<<  <   >  >>