للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعند ذلك صفا له الوقت، وقويت شوكته، فخلع الملك المظفر من السلطنة، وتسلطن عوضه، فتسامعوا به خشداشينه الذي (١) كانوا تفرقوا في بلاد الشرق، لما أن هربوا من المؤيد شيخ، فحضروا إلى عنده، والتفوا عليه، ثم إن ططر توجه إلى نحو القاهرة فمرض في أثناء الطريق، وقيل: إن زوجته خوند سعادات أشغلته في منديل (٢) الفرش، لما خلع ابنها المظفر أحمد من السلطنة، وطلقها.

فدخل ططر إلى القاهرة وهو متوعك في جسده فجلس على سرير الملك، وحكم بين الناس عدة مواكب، ثم إنه ثقل في المرض، ولزم الفراش إلى أن مات في يوم الأحد رابع ذي الحجة سنة أربع وعشرين وثمانمائة؛ ومات وله من العمر نحو خمسة وخمسين سنة (٣)، ودفن بجوار قبر الإمام الليث بن سعد، رضي الله تعالى عنه.

فكانت مدة سلطنته بالشام وبمصر ثلاثة أشهر وأيام، بما فيها من مدة توعكه وانقطاعه، وقد تحمل في هذه المدة اليسيرة إثم من قتله من الأمراء والمماليك في طلب السلطنة وقد مهد لغير، فكان كما قال القائل في المعنى:

هي الدنيا؛ إذا كملت … وتم سرورها خذلت

وتفعل بالذين بقوا … كما فيمن مضى فعلت (٤)

وقال آخر:

يا خاطب الدنيا إلى نفسه … تنح عن خطبتها تسلم

إن التي تخطب غرارة … قرية العرس من المأتم (٥)

ولما مرض الظاهر ططر عهد بالسلطنة إلى ولده المقر الناصري محمد، وجعل الأتابكي جاني بك الصوفي وصي على ولده، ومدبر المملكة.


(١) كذا في الأصل، والصواب "الذين".
(٢) في الأصل "منذيل".
(٣) في جواهر السلوك ٣٢٠: "وكان له من العمر لما مات نحو أربع وخمسين سنة".
(٤) بحر الوافر؛ والأبيات لأبي العتاهية. (انظر: العقد الفريد ٣/ ١٢٢)؛ ولم ترد في بدائع الزهور.
(٥) بحر السريع؛ ولم ترد في بدائع الزهور.

<<  <   >  >>