فلما رجع السلطان من كسر السد فتوجه إلى بيت علي باي، فلما أراد أن يدخل إلى بيته فنادته امرأة من أعلى البيوت الذي (١) في الكبش، وقالت له:"يا خوند لا تدخل فأنهم قد لبسوا آلة الحرب"، وقيل: إن المرأة أرمت على السلطان لما أراد أن يدخل إلى بيت عليّ باي قلة فيها ماء، فلما شال السلطان وجهه إليها، قالت له:"يا خوند" لا تدخل"، فثنى السلطان عنان فرسه إلى نحو القلعة.
فلما ولي السلطان، أشار عليه الأمراء بأن يُنقل في مشيه، فنقل هو والأمراء فتقنطر في ذلك اليوم الأمير فارس حاجب الحجاب، والأمير بيبرس الدوادار، ثم ركبا، فلما تحقق علي باي رجوع السلطان إلى القلعة خرج من بيته هو ومماليكه، وكانوا نحو من أربعين مملوكًا، فتبعوا السلطان إلى الرملة.
فكان من جملة سعد السلطان أن باب السلسلة كان مفتوحًا، فطلع منه هو والأمراء، ثم أغلقوه من ورائه، فلما طلع السلطان إلى الأسطبل طلع علي باي خلفه وهو سائق، فوقف في سوق الخيل هو ومماليكه، فنزل إليه بعض الأمراء وبعض المماليك السلطانية، فاتقعوا معه، فكان بينهم وقعة عظيمة، قُتل فيها من المماليك السلطانية خاصكي يُسمى بيسق المُصارع وجرح فيها جماعة كثيرة من المماليك.
ثم إن علي باي انكسر وهرب وهربت مماليكه، ثم إن الأمير يلبُغَا الأحمدي الأستادار طلع إلى القلعة، فأراد المماليك السلطانية قتله، واضجَعُوهُ ليذبحوه فمنعهم السلطان من ذلك، ثم رسم بتقييده وارماهُ في البُرج، ثم إن المماليك السلطانية مسكوا مملوك علي باي وهو شاد الشربخاناة بتاعه، وكان قد قاتل قتالا شديدًا مع أستاذه.
فلما مثل بين يدى السلطان أمر بقتله، فقتلوه بالسيوف فمات من وقته، ولما هرب علي باي نهبوا العوام بيته، وأخربُوهُ وأخذوا رخامه، وأخشابه، وأبوابه، ونهبوا بيوت حاشيته وغلمانه.
فلما دخل الليل ظهر الأمير علي باي في مستوقد حمام بالقرب من حدرة بن قميحه، وقيل: في مستوقد الحمام المجاورة لبيته، فنزل إليه الأمير بيبرس الدوادار، فطلع به إلى القلعة فأمر السلطان بتقييده، فقيد وسجن، وكان سبب ركوب علي باي أن مملوكه شاد الشربخاناة الذي قتل، قيل: عنه أنه شاكل