للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأن أيتمش البجاسي لابس آلة الحرب هُوَ وَمماليكه، فَأَرَادَ الأَتابكي بَرقُوق يكشف عن ذلك فلم يكن لهذا الكلام صحة، فطلع أيتمش إلى عند الأتابكي بَرقُوق وطلبوا المقر الزيني بركة أن يطلع إلى الأسطبل السلطاني فأبى من ذلك، فترَدَدَتْ الرُسل بين الأتابكي برقوق وبين الأمير بركة.

ثم إن الأتابكي برقوق أرسل الشيخ أكمل الدين الحنفي والشيخ أمين الدين الخلواتي (١) إلى عند الأمير بركة، فمشوا في الصلح بين أيتمش البجاسي وبينَ الأمير بركة، فأصطلحا وَنَزلَ أيتمش إلى عند الأمير بركة صحبة الشيخ أكمل الدين والشيخ أمين الدين، فأخلع الأمير بركة على الأمير أيتمش قباء نُخ وأركبه فرس بسرج ذهب وكنبُوش (٢)، ثُم طلع أيتمش إلى باب السلسلة وانفصل الأمر على ذلك.

فلما كان ليلة الجمعة تاسع عشر صفر ركبوا الأمرَاءُ وَلبسوا آلة الحرب، وسبب ذلك أن الأمير بركة لبس في بيته آلة الحرب وألبس مماليكه ومسك جماعة منَ الأمْرَاءِ؛ فلما بَلغ بقية الأمراء ذلك لبسوا آلة الحرب وطلعوا إلى الرملة، فعند ذلك أرسل المقر الأتابكي برقوق القُضاة الأربعة إلى عند المقر الزيني بركة، فمشوا في أمر الصلح بين الأمراء وبين الأمير بركة، فأصطلحُوا وَتَحالَفُوا.

ثُم طلعوا في يوم السبت إلى القلعة ولعبوا بالأكرة والصولجان، وَزَالَ ما في خَاطِرهم من الحقدِ، وَأَقَامُوا عَلى ذلك أيام.

فلمّا كانَ يوم الإثنين سابع ربيع الأول ركب الأمراء ليسرُوا نحو قبة النصر وَرجِعُوا، فطلع المقر الأتابكي بَرقُوق إلى الأسطبلِ السُلطاني، ورجع الأمراء إلى بيوتهم، وكان المقر الأتابكي بَرقُوق قدْ جَاءهُ وَلدٌ ذكر وَسَمَاهُ محمد، فَعَملَ لَهُ يوم سابعه عقيقة، وَمَدَّ سَمَاطًا عظيمًا في ذلك اليوم، وعزم على الأمراء كلهم، فطلع إليه بعض أمراء، وكان قبل ذلك بأيامٍ بَلغَ الأتابكي برقوق بأن الأمير بركة قد اتفق على قتله في يوم الجمعة إذا دخل إلى الصلاة في الجامع، فبقى في نفس برقوق من ذلك شيء.


(١) في السلوك ٣/ ١/ ٣٧٩ وبدائع الزهور ١/ ٢/ ٢٥٥: "الشيخ أمين الدين الخلوي"؛ وفي النجوم الزاهرة ورد ١١/ ١٧٤: "الشيخ أمين الدين الحلواني" وجاء أيضا فيه ١٢/ ١٠٤: "الشيخ أمين الدين الخلواتي الحنفي".
(٢) جمع كنابيش وهو كساء الفرس أي البرذعة تجعل تحت سرج الفرس، وهو أيضا اللئام الذي يستعمله أهل بلاد المغرب لتغطية الوجه من الذقن إلى الخيشوم اتقاء لبرودة الصباح ورطوبته، ويسمى أيضا الكنفوش. (انظر: مصطلحات صبح الأعشى ١٥/ ٢٨٩؛ الملابس المملوكية، ص ١٣٥).

<<  <   >  >>