للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذه السنة: جاءت الأخبار من ثغر الإسكندرية، بأن صاحب قبرص وصل إلى الثغر في يوم الجمعة ثالث عشرين صفر، وهو في سبعين مركبا من المراكب الحربية، وأن نائب الإسكندرية خرج إليه ومعه جماعة من عربان البحيرة إلى ظاهر باب البحر فاتقع مع الفرنج هناك وقعة عظيمة، فانكسر نائب الإسكندرية، وهرب بمن معه من العربان، فدخل الفرنج إلى المدينة ونهبوا أسواقها وقتلوا جماعة كثيرة من المسلمين وحرقوا باب رشيد (١).

فلما جاءت الأخبار بذلك كان السلطان هو والمقر السيفي يلبغا العمري في سرياقوس على سبيل التنزه، فلما بلغ السلطان ذلك طلع إلى القلعة في باكر النهار ونادى للعسكر بأن الرحيل إلى السفر بعد الظهر.

فصلى السلطان الظهر وركب وعدى إلى بر الجيزة، وكان أيام النيل (٢)، ثم سار إلى الطرانة فنزل بها، وأرسل الجاليش، وهم جماعة من الأمراء: الأمير طَيْبُغَا الطَّوِيلُ أمير السلاح؛ والأمير خليل بن قوصون أمير مجلس؛ والأمير قطلوبغا المنصوري؛ والأمير كوكنداي أخو طَيْبُغَا الطَّوِيلُ؛ وغيرهم من الأمراء.

فلما وصلوا إلى ثغر الإسكندرية فوجدوا الفرنج قد رحلوا عن الثغر، وتوجهوا إلى بلادهم بعدما جرى منهم ما جرى من القتل والنهب وغير ذلك.

فلما بلغ السلطان رجوع الفرنج إلى بلادهم فرجع إلى القاهرة، ورسم بعمارة ما فسد من ثغر الإسكندرية، وأرسل للأمراء الذين تقدموا بأن يقيموا هناك لتطمين أهل البلد وعودهم إليها.

ثم إن السلطان أخلع على الأمير بكتمر الشريف (٣) وجعله نائب ثغر الإسكندرية، بتقدمة ألف، وهو أول من وليها من الأمراء المقدمين، وكانت قبل ذلك ولاية منحطة الرتبة، وفي ذلك يقول بعض الشعراء:


(١) كان من أبواب مدينة الإسكندرية في سورها الشرقي، وسمي بذلك لأنه كان على رأس الطريق التي توصل من الإسكندرية إلى مدينة رشيد، وقد اندثر هذا الباب، ومكانه اليوم في الحدائق الواقعة شرقي مدخل شارع فؤاد الأول عند اتصاله بشارع أبو قير بمدينة الإسكندرية. (النجوم الزاهرة ١١/ ١٨٤ هامش ١).
(٢) يقصد أن النيل في قوة الزيادة. (انظر: بدائع الزهور ١/ ٢/ ٢٢، وجواهر السلوك ٢٠٧).
(٣) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٢٤: "بكتمر الشرفي"، وفي السلوك ٣/ ١/ ١١٤: "بكتمر الشريف" وهو موافق لما ورد هنا.

<<  <   >  >>