للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دَارَتْ مِنَ الطَّاعُونِ كأس الفنا … فالنفس من سكرته طافحة

قد خالف الشرع وأحكامه … لأنه يثبت بالرائحة (١)

ثُم دخلت سنة خمسين وسبعمائة، فيها: جاءت الأخبار بأنَّ أرغون شاه نائب الشام قُتل في الليل؛ وسبب ذلك أن الأمير [١/ ٦٦] جبعًا نائب طرابلس دخل إلى دمشق في طائفة من الأمراء والمماليك، وكان أرغون شاه نائب الشام مقيمًا بالقصر الأبلق الذي بالشام، هُوَ وَعيَالَهُ، فَدَخلَ عليه الجبعًا وهو نائم، وقبض عليه وقيده، وسجنه.

فلما أصبح الصباح اجتمع أمراء دمشق، وَقَالُوا للجبغا "لايش فعلت هذا"، فأخرج لهم كتاب السلطان بمسك أرغون شاه، فعند ذلك سكتوا، ثم إن الجبغا أحتاط على موجود أرغون شاه جميعه.

فلما كان ثاني ليلة وهي ليلة الجمعة رابع عشرين ربيع الأول (٢) وجدوا أرغون شاه مَدْبُوحًا، وَهوَ في السجن، فأثبت الجبعًا محضرًا، بأن أرغون شاه ذبح نفسه بيده.

فعند ذلك وَقعَ بين جيش دمشق وبين الجبعًا بسبب ذلك، فركبوا على الجبغا، وأنكروا عليه في الكتاب الذي كان معهُ مِنْ ِعندِ السُلطان، وكان الجبعًا أظهر كتاب السلطان بقتل أرغون شاه، فَتَحاربوا هُمْ والجبغَا، ثم إن الجبغَا أَخذَ ما أحتاط عليهِ مِنْ مَوجُود أرغون شاه من أموالٍ وَحْيُولٍ وغير ذلك، وتوجه إلى نحو المزّة (٣)، فلم يتبعه أحد من عسكر الشام، وَخَافُوا عُقبا ذلك، ثُم رحل الجبغا إلى طرابلس.

ثم إن أمراء دمشق كاتبوا السلطان بما جرى من الجبعًا في حق نائب الشام، وَأرسلوا ذلك الكتاب على يد بريدي، فتوجه إلى القاهرة، فلما بلغ السلطان أنكرَهُ، وَعَاد الجواب مع البريدي، بأن ليس عند السلطان من ذلك علم بمَا وَقعَ من الجبعًا، وأن الكتاب الذي أظهره الجبعًا مفتعل عن السلطان.

ثم رسم السلطان لعسكر دمشق بأنْ يَمشُوا عَلى الجبعًا حيث كانَ وَيَقْتُلُوهُ، فعند ذلك خرجوا إليه عساكر دمشق في العشر الأول من ربيع الآخر، ولا زالوا


(١) بحر السريع.
(٢) بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٣٤: "٢٤ رجب".
(٣) وهي قرية كبيرة غنّاء في وسط بساتين دمشق. (معجم البلدان ٥/ ١٢٢).

<<  <   >  >>