للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما رأى منْ كانَ حَول الملك الكامل، أن الأمير أرغون العلائي انكسر، تسحب من كان حوله من العسكر، فلما رأى الملك الكامل أن أمره تلاشي فهرب في أربعة من المماليك، وطلع إلى القلعة، وَأرَادَ أَنْ يدخل من بَابِ السلسلة، فوجدهُ مَقفُولًا، فصَارَ يسأل بعض المماليك الصغار بأن يفتح له الباب، حتى يطلع إلى القلعة، فنزل إليه بعض المماليك، وفتح له الباب، فطلع إلى القلعة، وهو سائق فأَرَادَ أن يدخل إلى الحوش، ويقتل أخويه، فلم يفتحوا له الخُدَامِ بَاب الحوش، فرجع إلى بيتِ أُمهِ، فاختفى فيهِ، هَذَا مَا كَانَ مِنْ أَمر الملك الكامل شعبان بعد كسرته عند قبة الهواء (١).

وَأَمَا مَا كانَ مِنْ أمر الأمرَاءِ الدِّين وَثَبُوا عَلى السلطان، فأنهم لما انكسر فمسكوا الأمراء الذي (٢) كانُوا مع السلطان، وهُم أرغون العلائي، وأسندمر الكاملي، وَقُطلوبغا الكركي، وجوهر السحرتي مقدم المماليك، وكلّ منْ كانَ معهُ مِنَ الأَمْرَاءِ والمماليك، ثُم طلعوا إلى القلعة وَهُمْ رَاكِبُون على خيولهم إلى وسط الحوش السلطاني إلى أنْ وَصَلُّوا إلى بَابِ الستارة، فقالُوا لِلخُدَام: "أين بن أُستاذنا حاجي؟ "، فقالوا لهم الخدام: "أَنهُ مَحبُوسٌ فِي الدُهَيشة هُوَ وَأَخُوهُ سيّدي حسين"، فدخلوا إلى الدهيشة، وأخرجُوا حَاجِي وَحُسِينِ، وَبَاسُوا الأرض لحاجي، وَقَالُوا لَهُ: "أَنْتَ سُلطاننا".

ثُم إنهم تطلبوا الملك الكامل شعبان فلم يجدوه فهجموا عليه في بيت أُمه، وكان بيت أمه فوق القلعة عند دار النيابة، فلم يجدوه في البيت، فمسكوا الجوار، وقصدوا يوسطُوهُمْ، وَأَحضروا لهم المُشاعِليَّة، فأقرُوا عَليه بأنه في بيتِ الأزيار (٣)، فهجموا عليه، فوَجدُوهُ وَاقفًا بين الأزيار، وقد أبتلت أثوابه بالماء، فمسكُوهُ وَمضوا به إلى الدهيشة، فسجن في المكان الذي كان فيه أخويه حاجي وحُسين، وكانَ المُتولي أمر ذلك الأمير أرغون شاه، والأمير ملكتمر الحجازي.

قال الشيخ صلاح الدين الصفدي في "تذكرته (٤): حكى لي أسنبُغَا دوادار الأمير أرغون شاه، قالَ: مَدّينَا السماط على أن الملك الكامل شعبان يأكل منه،


(١) في الأصل "الهوي"، وقد أوردها من قبل بالرسم الصحيح.
(٢) كذا في الأصل، الصواب "الذين".
(٣) الأزوار - الأزيار: جمع زارة، وهي الأرض ذات الماء والحلفاء والقصب. (لسان العرب ٤/ ٣٣٦).
(٤) هو مجموع شعر وأدب وتراجم وأخبار، كبير جدا، جاء في تعليقات الميمني أن منه أحد عشر جزءا في مكتبة البساطي بالمدينة "رقم ١٦٥ - ١٧٥ أدب". لم يطبع. (انظر: الأعلام ٢/ ٣١٦).

<<  <   >  >>