للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُعلم عدَّة ما فيها، ووجد له في مكان قريب من الخلاة فسقية مملؤة ذهب عين سكب بغير أكياس ما يُعلم لهم عدة.

وقيل: كانت أجرة أملاكه وضياعه وَمُستاجراته في كلّ شهر مائة ألف دينار.

وَمِنَ العجائب أن سلار حوى هذه الأموال العظيمة، وقد [١/ ٤٤] أقام في نيابة السلطنة بمصر إحدى عشرة سنة، فهذه الأموال كلُّها جُمعت في هذهِ المُدَّة اليسيرة، وهذا من العجائب التي لم يُسمع بمثلها، فأَما أنهُ ظَفر بكنز، وَأَمَا أَنهُ صح معه عمل الكيمياء، وَأَما أنه أخذ هذه الأموال من الخزائن السلطانية قبل حضور الملك الناصر من الكرك، قدْ قَالَ القائل في المعنى:

أجمع (١) وَأَنْتَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى حَذَرٍ … وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ بَعْدَ المَوْتِ مَبْعُوثُ

وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ مَا قَدَّمْتَ مِنْ عَمَلٍ … مُحصى عَلَيْكَ وَمَا خَلَفْتَ مَوْرُوْثُ (٢)

ثُم دخلت سنة إحدى عشرة وسبعمائة، فيها: خُطب للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاون في أفريقية ببلاد الغرب، وسبب ذلك أن صاحب أفريقية، وهو أبو يحيى اللحياني (٣)، قدم على السلطان الملك الناصر، وأراد أن يستنجد به على بعض مُلُوك الغرب، والتزم للسلطان أنه إذا فتح أفريقيّة أَقَامَ نفسه فيها نائبا عن السلطان، فجرَّدَ السلطان معه أمير عشرة، ونحو مائة مملوك.

فلما توجهوا نحو بلاد الغرب تسامعتْ بهِ العُربان وأهل الأعمال، بأنه واصل بجيش من قبل السلطان فعظم أمره، فلما وصل إلى بلاد الغرب وثب على بلاد بجاية وتونس وملكها، ودخل إليها والصناجق السُلطانية على رأسه، فراج أمرهُ وَهَابتهُ مُلُوك الغرب وفتح أفريقية، وذلك في شهر رجب من السنة المذكورة فخطب للسلطان في هذه الأقاليم كما قرَّر معه.


(١) هكذا في الأصل؛ وفي بدائع الزهور ١/ ١/ ٤٣٨. وفي العقد الفريد ٣/ ١٣٣. رياض النفوس ٢/ ٢٦٤. الحلة السيراء ١/ ٢٩. وجاءت في أغلب المصادر "أعمل".
(٢) بحر البسيط؛ البيتان قد نسبهم ابن الأبار إلى مروان بن الحكم. (الحلة السيراء ١/ ٢٩). وقد نُسب البيان لسعدون المجنون، انظر: عقلاء المجانين لابن حبيب النيسابوري صـ ٥٩. وقد ورد البيتان في المصادر بدون النسبة لأحد. (انظر: العقد الفريد ٣/ ١٣٣. رياض النفوس ٢/ ٢٦٤. تاريخ دمشق ٣٨/ ٦).
(٣) هو زكريا بن أحمد بن محمد بن يحيى بن عبد الواحد ابن الشيخ عمر، الملك أبو يحيى صاحب تونس، المغربي المالكي اللحياني. (انظر: المنهل الصافي، ٥/ ٣٦٣).

<<  <   >  >>