للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السلطان ذلك خرج من القاهرة في ثالث، شعبان، وجد في السير هو والعسكر حتى وصل إلى دمشق، فكان دخوله إليها في يوم السبت مُستهل شهر رمضان من السنة المذكورة، ففرح الناس بقدومه (١).

ثم إن السلطان بَرزَ إلى قتال عسكر غازان، فخرج بمن معه من الأمراء والنواب والعساكر، وَمَا جمع منَ العُربان المصرية والشامية، فاجتمعوا على مرج راهط، فلما تلاقى عسكر السلطان مع عسكر غازان، وكان قطلوشاه نائب غَازَان في مائة ألف مقاتل من التتار، فتلاقوا تحت جبل غباغب، فكان بين الفريقين وقعة لم يُسمع بمثلها في مبتدأ الإسلام، فكانت النصرة للملك الناصر على عساكر التتار، التي قد سَدُّوا الفضاء لكثرتهم، فقتل منهم جماعة كثيرة، "وَأُسِرَ منهم أكثر من الثلث" (٢).

وقتل من عسكر السلطان جماعة كثيرة منهم من الأعيان الأمير حسام الدين لاجين أستادار العالية، واوليا بن قرمان (٣)، وَسُنجر الكافري، وأيدمر الشمسي القشاش، وأقوش الشمسي الحاجب، وعز الدين أيدمر المنصوري الشهير بالرفا، وعز الدين أيدمر نقيب الجيوش المنصورة، وعلائي الدين ابن ددا التركماني، وَحُسَام الدّين علي بن ساخل، وسيف الدين بهادر الدكاجكي، ونحو ألف (٤) مملوك من مماليك السلطان والأمراء.

ثمَ حَالَ الليل بين العسكرين، واختلط الظلام، ثم إن عسكر التتار التجأ إلى أعلى الجبال، وبَاتُوا يُوقدون النيران، وباتَ السلطان والعساكر مُحدقين بهم كالحلقة.

فلما أسفر صُبح يوم الأحد ثاني (٥) شهر رمضان فعاينوا التتار الخطب المهول، وأيقنوا بالهلاك، وأمتلأت قلوبهم رُعبًا، فعند ذلك فسحت لهم العساكر السلطانية فبادروا للهروب، فحملوا عليهم العساكر السلطانية فصيَّروهُم رممًا، وَأَسرُوا مِنهُمْ مَا شَاءَ فأمتلأت من قتلاهم القفار وأمسوا، كما قال الشاعر، من أبيات:


(١) هذا الخبر ليس في بدائع الزهور.
(٢) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٤١٣: "وأسر البعض منهم".
(٣) هذا الأمير ليس مذكورًا فيمن قتل في هذه المعركة في بدائع الزهور.
(٤) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٤١٤: "ألف وخمسائة".
(٥) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٤١٤: "خامس".

<<  <   >  >>