للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"قتلت السلطان"، فقال كُرجي: "نعم، قتلنَاهُ وَجينا نقتلك يا نحس"، وكان منكوتمر بينه وبين كرجي حظ نفس.

ثم إن كرجي قبض على منكو تمر، وتوجّه به إلى الجب، الذي كان بالقلعة، يحبسوا فيه الأمراء، فلما اعتقلوا به منكوتمر كانَ به من الأمراء أينبك الحموي، والأمير قراسُنقر الأعسر، الذي (١) تقدم ذكرهما (٢)، وكان منكوتمر سببًا لمسكهما، فلما رأوه شتموهُ، وَلعنُوهُ، وَأَرَادُوا قتله.

فلما طلع النهار، جَاء كُرجي إلى الجب، وذبح منكوتمر النائب، وهو في الجب، ثم دُفن السلطان لاجين ومنكوتمر في ذلك اليوم.

فكانت مُدّة سلطنة المنصور لاجين إلى أن قُتل سنتين وشهرين وأيام، وكانت قتلته في ليلة الجمعة عاشر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وستمائة.

وكَانَ رجلا طويلا، أشقر اللحية، أزرق العينين، مُهَابًا، مَوصُوفًا بالفرسيّةِ، شُجاعًا بطلا، دينا خيرًا، أبطل في أيامهِ مِنَ المُكُوسِ أشياء كثيرة، وَماتَ وَلهُ من العمر نحو ستين سنة (٣).

ثُم في أثناء ذلك اليوم حضر الأمير بكتاش أمير سلاح، وَكَانَ مُسافرًا مَع طائفة من العسكر نحو البلاد الشامية، فلما حضر نزل إليه كُرجِي وَنُوغَان الكرماني، فقال الأمير بكتاش لكرجي: "تُريد أن تعمل في كل شهر سلطان"، ثم أشار لمن حوله، فقبضوا على كُرجي، وَقتلُوهُ في الحال، وَهَرَبَ نُوغَانِ الكرماني، وَطُوغي، ثم قبضوا عليهما وأحضرهما إلى عند الأمير بكتاش، فأمر بقتلهما (٤).

ثم إن الأمراء اجتمعوا وضربوا مشورة فيمَنْ يُولُوهُ سُلطَانًا، فَأَتَفَقَ رأيهم على عود الملك الناصر محمد بن قلاون، فأرسلوا له نجَابٌ إلى الكرك بالحضور إلى الدِّيَارِ المصريّة، وبقي تخت المملكة خاليًا بغير سلطان أحد وأربعين يومًا، حتى حَضرَ الملك الناصر من الكرك، وتولي السلطنة.


(١) كذا في الأصل، والصواب "اللذان"
(٢) خبر الأمراء الذين كانوا بالجب لم يرد ببدائع الزهور.
(٣) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٤٠٠: "وله من العمر نحو ثلاث وستين سنة".
(٤) جاء الخبر مختصرًا في بدائع الزهور ١/ ١/ ٤٠٠.

<<  <   >  >>